ضعيفاً إلى هذا الحد فإن الواجب الأكبر في نهضة هذا الفنّ يقع حين إذٍ على المدرسة وعلى وزارة المعارف أن تقوم بجهود جبّارة في هذا السّبيل، فهل قامت المدرسة بواجبها هذا؟ وللجواب على هذا السؤال لا بدّ أن تستعرض بسرعةٍ هدف برنامج التعليم من درس الرسم ثم استعراض الصورة التي يدرّس بها الرسم في مدارسنا الرسمية.
البرنامج ينصّ على أنّ الغاية من درس الرسم في المدارس الابتدائية ليست تكوين فّنانين ورسّامين وإنّما يدرّس الرسم للغاية التربوية التي تتحقق بواسطته فالرسم يقوّي حسن البصر عند الطفل ويكوّن عاملاً في تمرين اليد والملاحظة والذاكرة وخاصّةً ذاكرة الأشكال. ودروس الرسم التي تلقى في المدرسة تخلق في التّلميذ استعداداً للقيام في المستقبل ببعض المهن التي تتطلّب وقوفاً تامّاً على الرسم وتنمّي فيه الذّوق الفنّي.
ثمّ يفيض البرنامج في ذكر الملاحظات التي يجب على المعلّم مراعاتها ليصل إلى
الغاية من درس الرسم وهي ملاحظاتٌ قيّمةٌ، كما أنّ موادّ البرنامج في المدرسة الابتدائية لها قيمتها لو تحقّقت.
وأنت ترى معي أنّ البرنامج قد جعل تنمية الذّوق الفنّي هدفاً له ورسم لتحقيق هذا الهدف طرقاً سليمةً ولكنّك لا ترى شيئاً من هذه الغايات محقّقاً والذّنب ليس ذنب نصّ البرنامج فهو شيّقٌ ومغرٍ ولكنّه ذنب تطبيقه.
فدرس الرسم لا يؤدّي غايته التّربويّة للأسباب الآتية:
١ - ينظر المعلّمون إلى درس الرّسم على أنّه درسٌ ثانويٌّ فيأخذ المعلّم المجدُّ منهم ساعات الرسم ليقوّي طلاّبه في الدّروس الأخرى التي يراها أعظم شأناً وأكثر ضرورةً، وقليل أولئك المعلّمون الذين يولون هذا الدرس العناية اللائقة به.
٢ - أكثر المعلّمين لا يحسنون الرسم بل لا يحسنون أن يصوّروا شيئاً فكيف يستطيعون أن يعلّموه لطلاّبهم.
٣ - كان يجب، والمعلّمون على هذه الحالة من الضّعف الفنّي، أن تعيّن وزارة المعارف معلّمين مختصّين في هذه المادّة ولكنّها لم تفعل شيئاً من هذا.
٤ - إنّ وزارة المعارف لا تعامل المختصّين في الرسم الذين يدرّسون هذه المادّة في الثانويّة معاملة المختصّين بالمواد الأخرى بل إنّها لا تحسّن رواتبهم وحالهم قليلاً ليكونوا