النّفس، وينبغي أنّ نعلم أنّه يحظر على الأولاد الصّغار هناك ارتياد مثل المسارح ودور السّينما العامّة، على أن تخصّص لهم هذه الدّور حفلات نهاريّة يمنع من دخولها الكبار.
وهنالك محطّات للإذاعة المدرسيّة، تتيح للتّلاميذ الاستماع إلى بلغاء المذيعين وفصحاء المحاضرين، حيث إذا ألفوا سماعهم، واعتادوا الإصغاء إلى أقوالهم أو إلقائهم، يشعرون في نفوسهم إلى محاكاتهم.
التّمثيل وفوائده
يكاد المعلّم في مدارسنا، يحصر جهوده كلّها في عمل واحد، وهو تلقين تلاميذه بادئ العلوم، وحشو آذانهم بها، ليجتازوا عقبة الامتحان. أمّا التلاميذ ودراسة نفسيّتهم، وعلاج أدواء بيئاتهم المختلفة، وأمّا رفع مستواهم الخلقي، فتلك معضلةٌ لا يجد متّسعاً لحلّها، وإن وجد، حالت دون ذلك الأنظمة الآليّة الموضوعة. . . والفرصة التي يمكن أن تستغلّ لعلاج هذا النقص، هي فرصة النشاط المدرسي، وفي المقدّمة التمثيل والإلقاء.
إنّ اهتمام الأمم الراقية بالمسرح المدرسي، وليد الشعور بحاجة الجيل الصّاعد إلى هذه النهضة الفنيّة.
فمتى تغمر مدارسنا موجة فنّ التمثيل والإلقاء الذي أصبح وسيلةً فعّالةً للإصلاح، وأداةً هامّةً لتثقيف النّشء وتهذيبه؟ فلعلّنا نجد في السنين القادمة ضمن البعثات الحكوميّة، بعثةً من الأساتذة أصحاب المواهب الفنّية، والكفاءة الثّقافيّة، للتّخصّص في فنّ التمثيل. وحبّذا لو تتدخّل وزارة المعارف تدخُّلاً عمليّاً في الإشراف على الحركة الفنية، وتدمج التربية الفنّية في مناهج التعليم، لاسيّما بعد أن انزاح عن الصّدور كابوس المستعمر، الذي كان يعرقل فكرة جعل الفنون الجميلة جزءاً مهمّاً من المناهج المدرسية. وليس هنا مجال الإسهاب في الحديث عن التمثيل، ولا الإطالة في البحث عن فوائده التي أصبحت غير خافيةٍ. إنّما الغرض الذي أرمي إليه، التلميح إلى أهمية فن التمثيل، عندما الأمم تريد أن تحسن إرشاد جيلها، وتوجّه شعبها.