لا يلين، بل يتمشّى مع إصلاح ما هو فاسدٌ، ويربط عرى ما هو متفكك الأواصر، وبالعكس فالسؤال المغلوط والخارج عن نطاق ومنطوق مادّة الدرس، كأنّه يقذف بالتلميذ إلى هوّةٍ سحيقةٍ مظلمةٍ، فيبعث في فكرته التشويش، والارتباك، ويسوقه إلى الإيهام والإبهام الخطيرين.
لذا يجدر بالمربّي الحقيقي أثناء أسئلته ومحادثاته الأخذ بيد التلميذ، والسير به بمعونة أسئلةٍ محكمة الارتباط، ومطبقةٍ على أشياءَ حسيةٍ توقظ فيه الحياة، وتظهر قواه الكامنة للمّ شعث أفكاره المبعثرة. وذلك بإحضار الأسئلة الأساسية، الموضّحة لمادّة الدرس بصورة فنّية دقيقة، واعتناءٍ فائقٍ صحيحٍ.
٣ - يجب أن يكون السؤال في مستوى معرفة التلاميذ وعقليّتهم: الأسئلة الفارطة في الصعوبة تخمد - دوماً - الجواب، والاتّقاد، وتطفئ النشاط والاستعار، وتجلب السآمة والملل إلى النفوس. والأسئلة البالغة في السهولة لا تحدد شيئاً من المقدرة، بل تكون عديمة الفائدة، وقليلة الإنتاج.
ففي الأسئلة الصعبة مثلاً: كيف تسأل في حساب الصف الأول كم ثلثاً في الأربع برتقالات؟ أو في مفردات الصف الثاني، آت لنا من كلمة طبخ اسماً وصفةً ومصغّراً؟ مع أننا لم نعطِ شيئاً من ذلك، وهكذا دواليك في بقية الصفوف.
وفي الأسئلة السهلة، فكيف لا نبعث الفرح والمرح في التلميذ في أسئلة تلذّ له ظاهريّاً، وفيها الضرر بعينه، إذ تثير فيه الإعجاب بنفسه، وتجلب له الغبطة والسرور، ولا تحيجه في الجواب إلا لكلمة (نعم) أو (لا) والتي في بعض الأحايين يشرع المعلم في الإجابة عنها، فيعطي جلَّ الجواب أو أجمعه، ولا يترك للتلميذ إلا الجهد الضئيل لإيجاد آخر كلمةٍ أو آخر مقطعٍ في الجواب، نحو ولد محمد صلى الله عليه وسلّم في. . .؟ مكّة. وكان خالد بن الوليد في جيش العراق ال. . .؟ القائد.
إنّ طائفةً من مثل هذه الأسئلة، أكانت أسئلةً صعبةً أم سهلةً، بدل أن تذكي الأذهان بالعكس فإنّها تميت الحركة الفكرية، ولا تترك للتلميذ حقّه في العمل الذّهني، والجهد التّفكيري، وتكون - محض - مميتة (للطريقة التعليميّة الفعّالة) بمجلّة فن التّربية في ١٥ كانون الثّاني عام ١٨٨٨ م، إذ قال: إنّ نفس التّعاليم الشّرعيّة في الدّين المسيحي تتقدّم بأسئلة