وتنطوي تحت الفرض العام مباحث لا حصر لها، وقد تشعبت فيها آراء المفكرون والمربين، وإن كان اتجاههم جميعاً واحداً. فما معنى المجتمع؟ ذلك المجتمع الحر المتضامن الذي نسميه في هذه الأيام بالمجتمع الديمقراطي؟ وما هي غاية الحياة الاجتماعية؟ وما حدود الحياة الاجتماعية ومدى الواجبات التي يجب على الأفراد أن يلتزموها نحوها؟ ثم إلى أي حد تكون للأفراد الحرية في تصرفهم؟ وهل تعارض بين الفرد ومصلحة المجتمع؟
وقد تأثرت مباحث التربية بهذا التفكير، فكل هم المربين في هذه الأيام أن يلمسوا الرسائل التي تنمح للأبناء فرص إنماء فرديتهم، بحيث يكونون أماماً صالحاً للمجتمع الذي يعيشون فيه، وللعالم الواسع بوجه عام.
فما هي المناهج التي تحقق هذه الغاية؟ وما هي الأساليب التي تتبع في تعليمها؟ وكيف تكون خطة الحياة المدرسية في مجملها كفيلة بتحقيق كل هذا.
هذه وغيرها من المباحث لا محل لها في مثل هذا الحديث العام، ولكنا لا نجد غنى عن التعرض لبعض الجوهريات في نظرنا هي التي تكاد تكون متفقاً عليها في اتجاهات التربية في عصرنا الحاضر.
فإذا كان أول ما تحرص عليه التربية هو نمو الفرد من جميع نواحي وجوده، كان معنى ذلك أم هذا الكائن الحي ينبغي أن ينمو نموه الطبيعي الذي ترسمه الأبناء. وهذا ما جعل التربية الحديثة تقوم على أساس مباحث علم النفس، الذي أصبح اليوم الرائد الأول في ميادين التعليم. وقد نشأت من هذا اتجاهات جديدة في أساليب التعليم تكاد تبلغ حد الثورة، ولاسيما في الأدوار من حياة الأبناء