للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طواف الزيارة سبعة أشواط، فإن كان سعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم لم يرمل في هذا الطواف ولا سعي عليه، فإن لم يكن قدم السعي رمل في هذا الطواف وسعى بعده على ما قدمناه، وقد حل له النساء، وهذا الطواف هو المفروض في الحج، ويكره تأخيره عن هذه الأيام فإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة*، ثم يعود إلى منى فيقيم بها فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني من النحر رمى الجمار الثلاث يبتدئ بالتي تلي المسجد فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ويدعو، ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ويقف عندها ثم يرمي جمرة العقبة كذلك ولا يقف عندها، فإذا كان من الغد رمى الجمار الثلاث بعد زوال الشمس كذلك، فإذا أراد أن يتعجل النفر نفر إلى مكة، وإن أراد أن يقيم رمى الجمار الثلاث يوم الرابع بعد الزوال فإن قدم الرمي في هذا اليوم قبل الزوال بعد طلوع الفجر جاز عند أبي حنيفة*، ويكره أن يقدم الإنسان ثقله إلى مكة ويقيم [بها] حتى يرمي، فإذا نفر إلى مكة نزل بالمحصّب* ثم طاف بالبيت سبعة أشواط لا يرمل فيها

الشمس" (١).

قوله: (فإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة)، وهو المعوّل عليه عند النسفي والمحبوبي.

قوله: (جاز عند أبي حنيفة)، قال في "الهداية" (٢): "وهذا استحسان"، واختاره برهان الشريعة والنسفي وصدر الشريعة.

قوله: (نزل بالمحصَّب) هذا سنة، قال في "الهداية": "هو الأصح" (٣).


= عمرو بن ميمون قال: "قال عمر رضي الله عنه: إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل أن تطلع الشمس".
(١) يلاحظ من هذه المسألة كيف يَعْرض العلماء مسائل الفقه التي يتدارسونها على الأدلة دائمًا، فما كان موافقًا لها أخذوا به وسلموا لقائله، وإلا توقّفوا .. ففي بعض نسخ المختصر لم يُقتصر فيها على التنبيه على الخطأ (المذكور) بل صُوب مباشرة بعد أن كشط الأصل من كلام المصنف، ولا يشك بهذا الفعل في أمانة المصوِّبين - الأمانة المطلوبة في النقل - لأن أمانتهم مع الحكم الشرعي - والمتفق عليه - كانت أسبق وأعظم.
وبهذا غدت نسخ القدوري اليوم كلها مصحّحة ومعدلة في هذه المسألة، ففي المطبوعة العثمانية: "ثم أفاض الإمام والناس معه قبل طلوع الشمس حتى يأتوا منى" وكذا في نسخة اللباب ١/ ١٩٠ وهو الموافق للمخطوطة (أي مخطوطة القدوري) المعتمدة هنا، خلافًا للمخطوطة التي اعتمد عليها المؤلف (الشيخ قاسم) رحمه الله.
هذا وقد ذكر بعضهم أن معنى قول القُدوري: "وإذا طلعت الشمس أفاض الإمام … " أي إذا قربت إلى الطلوع، معتبرًا أن المصنف فعل ذلك اعتمادًا على ظهور المسألة .. (انظر العناية شرح الهداية ٢/ ٣٨١).
(٢) ١/ ١٨١، وفيه: "وقالا: لا يجوز"، وأخّر دليل الإمام.
(٣) انظر "الهداية" ١/ ١٨٢، وقال في "الكفاية" ٢/ ٣٩٦، ٣٩٧: "وهذا احتراز عن قول ابن عباس =

<<  <   >  >>