للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها وعُظم منافعها زال ملك المغصوب منه عنها وملكها الغاصب وضمنها ولم يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها، وهذا كمن غصب شاة فذبحها وشواها أو طبخها، أو حنطة فطحنها أو حديدًا فاتخذه سيفًا أو صفرًا فجعله آنية، وإن غصب فضة أو ذهبًا فضربها دنانير أو دراهم أو آنية لم يزل ملك مالكها عنها عند أبي حنيفة، * ومن غصب ساجة * فبنى عليها زال ملك مالكها ولزم الغاصب قيمتها، ومن غصب أرضًا فغرس فيها أو بنى قيل له اقلع الغرس والبناء وردها، وإن كانت الأرض تنقص بقلع ذلك فللمالك أن يضمن له قيمة البناء والغرس مقلوعين، ومن غصب ثوبًا فصبغه أحمر أو سويقًا فلتّه بسمن فصاحبه بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض ومثل السويق وسلمهما للغاصب، وإن شاء أخذهما وغرم ما زاد الصبغ والسمن فيهما، ومن غصب عينًا فغيبها فضمنه المالك قيمتها ملكها والقول في القيمة قول الغصب مع يمينه إلا أن يقيم المالك بينة بأكثر من ذلك فإن ظهرت العين وقيمتها أكثر مما ضمن وقد ضمنها بقول المالك أو ببينة أقامها أو بنكول الغاصب عن اليمين فلا خيار للمالك، وإن كان ضمنه بقول الغاصب مع يمينه فالمالك بالخيار إن شاء أمضى الضمان وإن شاء أخذ العين ورد العوض. وولد المغصوبة ونماؤها وثمرة البستان المغصوب أمانة في يد الغاصب إن هلك فلا ضمان عليه إلا أن يتعدى فيها أو يطلبها مالكها فمنعه إياها، وما نقصت الجارية بالولادة في ضمان الغاصب فإن كان في قيمة الولد وفاء به جبر النقصان بالولد ويسقط ضمانه عن الغاصب، ولا يضمن الغاصب منافع ما غصبه إلا أن ينقص باستعماله فيغرم النقصان. وإذا استهلك المسلم خمر الذمي أو خنزيره ضمن قيمتهما، وإذا استهلكهما المسلم لم يضمن.

قوله: (ومن غصب فضة أو ذهبًا فضربها (١) دراهم أو دنانير لم يزُل ملكُ مالكها عنها عند أبي حنيفة)، قال في "الهداية" (٢): "فيأخذها ولا شيء للغاصب، وقالا: يملكها الغاصب وعليه مثلها"، وأخَّر دليل الإمام وضمّنه جواب دليلهما، واختاره المحبوبي والنسفي وأبو الفضل الموصلي وصدر الشريعة.

[قوله: (ومن غصب ساجة .. الخ)، قال أبو نصر الأقطع: "قال الشيخ أبو الحسن الكرخي: المسألة موضوعة على أنه بنى حول الساجة، أنه غير ظالم فلا يجوز نقضه، أما إذا بنى على نفس الساجة متعد فيه فيجوز نقضه، وظاهر المذهب أن حق المالك سقط في الوجهين، وهو الصحيح"] (٣).


(١) في (جـ): "فصيرها".
(٢) ٤/ ٢٩٧.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من النسخة التركية (د).

<<  <   >  >>