للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لخص فيها "نصب الراية" في الحواشي التي كتبها على "الدراية" (١).

ومقام الإمام المحقق ابن الهمام في علم الفقه مشهور، وقد وقع اختياره رحمه الله أن يكون العلامة قاسم خليفة عنه بعد وفاته، قال العلامة الكشميري في "فيض الباري": "لما دنا وفاة ابن الهمام سأله الناس عمن يجلس مجلسه بعده؟ فقال: العلامة قاسم بن قطلوبغا." (٢)!

وإذا كان الشيخ قاسم قد دعا إلى التزام الراجح في المذهب وعدم قبول التلفيق والخروج على المذهب المتبع، إلا أنه لم يقبل مقولة أن المجتهد قد فُقد أو أن باب الاجتهاد قد أغلق، بل إن ابن عابدين رحمه الله لا يستبعد أن يكون ابن قطلوبغا نفسه ممن بلغ تلك المرتبة، حيث قال - بعدما نقل عن شيخ الإسلام "علي المقدسي" أن ابن الهمام بلغ رتبة الاجتهاد -: "وكذلك نفس العلامة قاسم من أهل تلك الكتيبة" (٣).

ولبلوغه تلك المكانة في العلم فقد استفاد منه كثير من علماء عصره، ومن جاء بعدهم من الأئمة، وكان من أبرز هؤلاء: العالم الجليل مفتي مكة العلامة إبراهيم البيري، الذي شَرَح "التصحيح والترجيح" (٤). . وخاتمة المحققين العلامة ابن عابدين، وقد ظهر انتفاعه به في غير ما تصنيف له. . وكذلك تلميذه الشيخ عبد الغني الميداني الذي جعل كتاب "التصحيح" مرجعًا مهمًّا، لكتابه النافع المشهور: "اللباب شرح الكتاب". . (٥).

ومما يدل على منزلة المؤلف الرفيعة بين العلماء، ما وجدناه من عباراتهم الكثيرة في مدحه والثناء عليه، والإشادة بعظيم علمه وفضله.

فقد وصفه الحافظ ابن حجر العسقلاني بـ "الإمام العلامة المحدث الفقيه الحافظ". ولما قرأ عليه الشيخ قاسم كتابه "الإيثار بمعرفة رواة الآثار" وصفه بـ "الشيخ الفاضل المحدّث الكامل الأوحد"، وقال: "قراءة عليّ وتحريرًا، فأفاد ونبّه


(١) انظر: "دراسة حديثية مقارنة لنصب الراية وفتح القدير ومنية الألمعي"، تأليف محمد عوامة، ص ٣٠٠.
(٢) "دراسة حديثية مقارنة لنصب الراية وفتح القدير ومنية الألمعي"، لمحمد عوامة، ص ٣٠٢، ٣٠٣.
(٣) "رسم المفتي" ١/ ٣٢.
(٤) انظر "هدية العارفين" ١/ ٣٤.
(٥) وانظر ذلك بمزيد من التفصيل في مبحث: "أهمية الكتاب"، ص ٧١، ٧٢.

<<  <   >  >>