وفي الورقة الأخيرة من المخطوط سؤال مطوّل وجوابه للمصنف، أذكر نصهما كالآتي:
"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وفقهاء المسلمين - رضي الله عنهم - أجمعين في رجل تزوج امرأة على مئة دينار على حكم الحلول على أن يعجل منها [؟] قبل الدخول بها أربعين دينارًا وبقية الصداق على حكمه فدفع إليها الأربعين ودخل بها ثم منعت نفسها منه لقبض الباقي وطالبته بذلك عند حاكم حنفي فحكم ذلك الحنفي بتأخير بقية الصداق إلى الطلاق أو موت أحدهما، متمسكا بقول نجم الدين الزاهدي: وصار تأخير الصداق إلى الموت أو الطلاق بخوارزم عادة مألوفة وشريعة معروفة عندهم، وبقول فخر الدين الزيلعي: ليس لها أن تحبس نفسها فيما تعورف تأخيره إلى الميسرة أو إلى الموت أو الطلاق ولو كان حالا لأن المتعارف كالمشروط، فهل حكم هذا الحنفي صحيح أو لا، وهل هذا الحكم مستفاد من عبارة هذين الإمامين المذكورين أو لا، وإذا لم يكن حكمه صحيحًا، فما معنى قول فخر الدين (ولو كان حالا)، وهل اشتراط تعجيل البعض مع النص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق أو الموت أوْ لا؟ أفتونا مأجورين، وبيّنوا رضي الله تعالى عنكم أجمعين وأثابكم الجنة بمنّه وكرمه آمين، حسبنا الله ونعم الوكيل.
(مثال)(١) الحمد لله، ربِّ زدني علمًا؛
ليس للحاكم الحنفي الحكم بتأخير بقية الحالّ من الصداق، ولا متمسك له بما ذكر الزاهدي؛ لأن عرف خوارزم فيما لا نص فيه على تعجيل ولا تأجيل، وهو خلاف الواقع في مملكة مصر والشام وما والاهما من البلاد، ولا متمسك له بما ذكر الزيلعي أيضا لقوله (فهو على ما شرطا)، وليس الحكم بصحيح ولا مستفاد من العبارتين بل كلاهما ينبو عنه، ومعنى وقوله (ولو كان حالا) أنه ولو كان حالا بمقتضى العقد فإن العرف يقضي عليه لأن المتعارف كالمشروط، وشرط التأجيل يقضي على موجب العقد، وقد صرح بهذا شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، وبقية
(١) يعني الناسخ بكلمة مثال: أن الجواب منقول من خط المجيب حرفيًّا، بمقدمته وإمضائه في نهايته، فقد جاء فيه آخرًا: "قاله وكتبه قاسم الحنفي". . وليس هو خط ابن قطلوبغا (الذي عُرف من إجازته المشار إليها في الصفحة السابقة).