للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالثة: أن يكون كثيرًا؛ وذلك إذا وقع بعد أداة طلب (١)؛ كقوله تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا﴾، وقول الشاعر:

هلا تمنن بوعد غير مخلقة (٢)

الشاهد: عدم تأكيد الفعل المضارع "تجدني"، مع أنه شرط لإن المؤكدة بما الزائدة، وذلك عند بعض النحاة، أو هو من ضرورات الشعر.

الخلاصة:

أن النحاة اختلفوا في جواز ترك توكيد المضارع بعد "إما"؛ فذهب بعضهم إلى وجوب توكيد المضارع بعد إما، إلا لضرورة الشعر، ومنهم المبرد والزجاج. وذهب سيبويه وتبعه كثيرون إلى أن توكيد المضارع بعد "إما" أحسن من تركه، ولهذا لم يقع في القرآن إلا مؤكدا، والمتأخرون ويؤيدون هذا المذهب.

(١) أي حقيقي، وهو: الأمر والنهي، والدعاء، والعرض، والتحضيض، والتمني، والاستفهام، أما الخبر المارد به الطلب مجازا؛ كقوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْن﴾؛ لأن معناه الأمر، وكقولك للعاطس: يرحمه الله - فلا يؤكد. وإنما كان التوكيد بعد الطلب كثيرا؛ لأن عناية الطالب بالمطلوب واهتمامه به يستدعي تأكيده.

(٢) صدر بيت من البسيط، لم يذكر قائله، وعجزه:

كما عهدتك في أيام ذي سلم

اللغة والإعراب: مخلفة: اسم فاعل مؤنث؛ من الإخلاف؛ وهو: عدم الوفاء بالوعد. ذي سلم: اسم موضع بالحجاز، وقيل: بالشام. "هلا" حرف تحضيض يقصد به الحث على الفعل بعنف وشدة، "تمنن" فعل مضارع مرفوع بالنون المحذوفة لتوالي الأمثال، وياء المخاطبة المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، والنون للتوكيد، وحذفت نون الرفع مع الخفيفة حملا على الثقيلة، واصله: تمنين. "بوعد" متعلق بتمنن "غير مخلفة " غير حال من ياء المخاطبة المحذوفة، ومخلفة مضاف إليه. "كما" الكاف جارة،، "ما" المصدرية، وهي وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بتمنن.

المعنى: يطلب منها بشدة وحث أن تشفق عليه، وتفي بوعدها ولا تخلفه؛ كما عهدها موفية بالوعد أيام كانوا مربعين بذي سلم.

الشاهد: تأكيد "تمنن" بالنون؛ لوقوعه بعد حرف التحضيض، وهو "هلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>