والثاني: أن الخبية تختص بالماضي كرب؛ لا يجوز:"كم غلمان سأملكهم" كما لا يجوز: "رب غلمان سأملكهم"(١) ويجوز: "كم عبدًا ستشتريه؟ "(٢)،
= ويشترط لجر التمييز: أن يكون متصلا بها غير مفصول منها بشيء، ويصح فصل التمييز منا؛ فإن كان الفصل بجملة كقول الشاعر:
كم نالني منهم فضلًا على عدم
أو بظرف وجار ومجرور معًا كقوله:
تؤم سنانا وكم دونه … من الأرض محدودبا غارها
تعين النصب على الصحيح، ولا يجوز جره إلا في ضرورة الشعر، وإن كان الفصل بالظرف فقط، أو بالجار والمجرور جاز الأمران، والنصب أرجح، نحو: كم دون النبوغ سهرًا، وكم له مجهودًا، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها المجرور بالإضافة إلا في الضرورة؛ بخلاف الاستفهامية، فإن الفصل جائز في السعة، نحو: كم عندك عبدًا؟ وإذا فصل بين "كم" الخبرية وتميزها بجملة فعلية فعلها متعد لم يستوف مفعوله وجب جر التمييز "بمن"؛ لئلا يتوهم أن المنصوب مفعول به وليس تمييزًا، كقوله تعالى: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾، ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ فـ"كم" الخبرية بكثرة نحو: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ﴾، والاستفهامية بقلة وإن لم تجر نحو: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾ وإلى حكم تمييز "كم" الخبرية يشير الناظم بقوله:
واستعملنها مخبرًا كعشره … أو مائة ككم رجال أو مره*
أي: إن تمييز "كم" الخبرية، كتمييز العدد "عشرة"؛ أي: جمعًا مجرورًا في الغالب، أو كتمييز المائة؛ أي: مفردًا مجرورًا.
(١) لأن التكثير والتقليل لا يكونان إلا فيما عرف مقداره، وهذا لا يتحقق إلا في شيء مضى، أما المستقبل فمجهول.
(٢) لأن الاستفهام لتعيين المجهول؛ يكون في الماضي والمستقبل.
* "مخبرًا" حال من فاعل استعملنها. "كعشرة" متعلق بمحذوف، نعت لمصدر محذوف؛ أي: استعمالا كاستعمال عشرة، "أو مائة" معطوف على عشرة "ككم" الكاف جارة لقول محذوف خبر لمبتدأ محذوف، و"كم" خبرية بمعنى كثير مبتدأ. "رجال" مضاف إليه والخبر محذوف؛ أي: كثير عندي مثلا، "أو مره"معطوف على رجال، وأصل مره: امرأة، فقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت استغناء بهمزة الوصل.