وأما "كأين"(١)؛ فبمنزلة "كم"(٢) الخبرية؛ في إفادة التكثير، وفي لزوم التصدير، وفي انجرار التمييز؛ إلا أن جره بمن ظاهرة لا بالإضافة (٣)، قال الله -تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾ (٤) وقد ينصب كقوله:
اطرد اليأس بالرجا فكأي … آلما حم يسره بعد عسر (٥)
= وإن وقعت على حدث؛ فهي في محل نصب مفعول مطلق لما بعدها، نحو: كم زيارة زرت أخاك؟ وإن وقعت على ذات؛ فإن لم يليها فعل، نحو: كم طالب في الفصل؟ أو وليها وكان لازمًا، نحو: كم رجلا اشتغل، أو متعديا رافعًا ضميرها؛ نحو: كم محتاج ساعدته؟ فهي مبتدأ وما بعدها خبر. وإن كان الفعل بعدها متعديا لم يستوف مفعوله، فهي في محل نصب مفعوله، نحو: كم قرشًا أعطيت السائل؟ وإن سبقها حرف جر أو مضاف، فهي في محل جر، نحو: في كم ساعة تنتهي من الامتحان، وفوق كم حاجز يقفز الحصان.
(١) أصل هذه النون التنوين، فيصح الرجوع إلى أصلها عند الكتابة والوقف، والأحسن إثبات نونها خطا ونطقًا، ويقال لها:"كائن" و"كأين" ويكنى بها عن العدد.
(٢) مذهب ابن مالك: أن "كأي" تكون خبرية وتكون استفهامية. وهو رأي ابن عصفور، وإعرابها كإعراب "كم"؛ نحو: كأين من معدوم أعنته.
(٣) لأن نون: "كأين" أصلها التنوين كما قلنا. وهو يمنع الإضافة، وعند الجر يكون الجار والمجرور متعلقين بكأي.
(٤)"كأين" مبتدأ مبني على السكون في محل رفع. "من دابة" جار ومجرور متعلق بمحذوف بيان لكأين "لا" نافية. "تحمل رزقها" الجملة صفة لدابة، أو خبر كأين، "الله" مبتدأ ثان، وجملة "يرزقها" خبره، والجملة خبر كأين على الوجه الأول، و"وإياكم" معطوف على الهاء في يرزقها: [سورة العنكبوت الآية: ٦٠].
(٥) بيت من الخفيف لم نقف على قائله.
اللغة والإعراب: اطرد: أزل وأبعد. اليأس القنوط ونفي الأمل في الحصول على المراد. =