والسادس "لعل": وهو للتوقع، وعبر عنه قوم بالترجي في المحبوب (١)؛ نحو: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾، والإشفاق في المكروه (٢)؛ نحو: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ (٣). قال الأخفش: وللتعليل، نحو: أفرغ عملك لعلنا نتغذى، ومنه: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ﴾. قال الكوفيون: وللاستفهام، نحو: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ (٤) وعقيل تجيز جر اسمها وكسر لامها الأخيرة (٥).
(١) أي: انتظار حصول شيء مرغوب فيه.
(٢) معنى الإشفاق: الخوف أو شدته.
(٣) أي: قاتلها غما. والمعنى: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك. ولا يكون التوقع إلا في الممكن. أما قوله -تعالى- على لسان فرعون: ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾، فهو ممكن في زعمه الباطل.
(٤) أي: أيزكى؟ والمعنى: ما يدريك جواب هذا الاستفهام؟ ومعنى "لعل" و"عسى" في كلام الله: للتحقيق أحيانا، أو الرجاء والإشفاق بالنسبة للذي يدور الكلام بشأنه، لا بالنسبة له سبحانه؛ لأن ذلك مستحيل عليه. وينفرد خبر "لعل" بجواز تصديره بأن المصدرية؛ نحو: لعل الجندي أن يسارع إلى مكانه فيدافع عنه.
وفيما تقدم يقول الناظم:
"لإن أن ليت لكن لعل … كأن عكس ما لكان من عمل
كإن زيدًا عالم بأني … كفء ولكن ابنه ذو ضغن*
أي: لإن وما بعدها من الحروف عكس ما ثبت من العمل لكان وأخواتها. ثم مثل لحروف ثلاثة؛ هي: إن، وأن، ولكن. ومعنى ذو ضغن: صاحب حقد.
(٥) أي: مع حذف لامها الأولى وإثباتها، وحينئذ لا تعمل عمل "إن" على الصحيح. بل تنزل منزلة حرف الجر الزائد في عدم تعلقها بشيء. ومجرورها في موضع رفع بالابتداء، وما بعده خبر، وعليه جاء قول شاعرهم:
لعل أبي المغوار منك قريب
فـ"أبي المغوار" مبتدأ ومضاف إليه، و"قريب" خبر.
* "لإن" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "أن"، ليت، لكن، لعل، كأن" معطوفات على إن بحذف العاطف. "عكس" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "لكان" متعلق بمحذوف صلة ما. "من عمل" جار ومجرور بيان لما. "كإن" الكاف جارة لقول محذوف، و"زيد" اسم إن، و"عالم" خبرها. "بأني" الباء جارة. "أن" حرف توكيد ونصب، والياء اسمها. "كفء" خبرها، وأن ومعمولاها في تأويل مصدر مجرور بالباء، متعلق بعالم. "ولكن" حرف استدراك ونصب. "ابنه" اسمها ومضاف إليه. "ذو ضغن" خبر ومضاف إليه.