قال السهيلي (١): وأن لا يتعدى باللام (٢)؛ نحو:"تقول لزيد عمرو منطلق".
=
بغير ظرف وكظرف أو عمل … وإن ببعض ذي فصلت يحتمل*
أي: اجعل "تقول" المضارع للمخاطب؛ مثل "تظن" في المعنى والعمل، إن ولى هذا المضارع مستفهما به؛ أي: جاء بعد أداة يستفهم بها، ولم ينفصل ذلك المضارع، وهو "تقول" عن أداة الاستفهام بفاصل، غير الظرف، أو ما يشبهه؛ وهو الجار والمجرور، أو أي شيء آخر يكون معمولا للفعل. أما الفصل بشيء من هذه فجائز. وقد سبقت الأمثلة لذلك كله.
(١) هو أبو القاسم؛ عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الأندلسي المالقي. كان عالما بالعربية واللغة والقراءات، بارعا في ذلك كله، جامعا بين الرواية والدراية. نحويا مقدما، واسع المعرفة، غزير العلم، نبيها ذكيا، تصدر للإقراء والتدريس حتى بعد صيته. روى عن ابن العربي، وأبي طاهر، وابن الطراوة. وروى عنه الرندي، وأبو الحسن الغافقي. وكف بصره وهو ابن سبع عشرة سنة. واستدعي إلى مراكش، ونال فيها حظوة عظيمة. وصنف "الروض الأنف" في شرح السيرة النبوية. و"التعريف والإعلام بما في القرآن من الأسماء والأعلام" وله بحث في رؤية الله، والنبي في المنام. وكان شاعرا مجيدا؛ ومن شعره الأبيات المشهورة التي أولها:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع … أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها … يا من إليه المشتكى والمفزع
يا من خزائن رزقه في قول "كن" … امنن فإن الخير عندك أجمع
قيل: إنه ما قرأ أحد هذه الأبيات، ودعا الله تعالى عقبها بشيء؛ إلا استجيب له. وتوفي السهيلي بمراكش، سنة ٨٥١ هـ.
(٢) أي: يشترط في المضارع: ألا يتعدى باللام؛ لأنها تبعده عن معنى الظن، ويصبح قولا مسموعا. وقد علمت أن مذهب الجمهور: أن القول إذا عمل عمل الظن، يجري مجراه في المعنى أيضا.
* "وكتظن" جار ومجرور مفعول ثان لاجعل. "تقول" مفعول أول له مقصود لفظه. "إن" شرطية. "ولي" فعل الشرط. مستفهما" مفعول ولي. "به" نائب فاعل لمستفهم. "ينفصل" مجزوم بلم وحرك للروي، وفاعله يعود إلى تقول، والجملة حال. "بغير" جار ومجرور متعلق بينفصل. "ظرف" مضاف إليه. "أو كظرف" معطوف على غير، والكاف اسم بمعنى مثل. "أو عمل" معطوف على غير. "وإن" شرطية. "ببعض" متعلق بفصلت. "ذي" اسم إشارة مضاف إليه. "فصلت" الجملة فعل الشرط. "يحتمل" فعل مضارع للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى الفصل المفهوم من فصلت، وهو مجزوم؛ لأنه جواب الشرط.