للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح جوازه في الشعر فقط.

الثانية: أن يحصر الفاعل بإنما، نحو: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ (١). وكذا الحصر بـ"إلا" عند غير الكسائي، واحتج بقوله:

ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم … ولا جفا قط إلا جبأ بطلا (٢)

لجزى ومضاف إليه، "العاويات" صفة للكلاب، و"قد" الواو للحال، وقد للتحقيق، "فعل" فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي، والفاعل يعود على "ربه"، و جزاء الكلاب العاويات: هو الضرب والرمي بالحجارة، وقيل: إنه دعا عليه بالأبنة؛ لأن الكلاب تتعاوى عند طلب السفاد، وهذا وإن عده العلماء من الكنايات الجميلة في الهجاء، إلا أن عدي بن حاتم صحابي جليل لا يقال فيه مثل ذلك الهجاء، وإن صح فلعله كان في زمن الجاهلية قبل أن يسلم.

الشاهد: اشتمال الفاعل المتقدم وهو ربه، على ضمير يعود على المفعول المتأخر، وهذا شاذ عند الجمهور، ولهذا يقول الناظم:

وشذ نحو "زان نوره الشجر"

(١) "العلماء" فاعل محصور فيه الخشية، فوجب تأخيره، أي ما يخشى الله من عباده إلا العلماء.

(٢) بيت من البسيط لم نقف على قائله.

اللغة والإعراب: لئيم: المراد به الشحيح البخيل، بدليل مقابلته بذي الكرم. جفًا: من الجفاء، وهو البعد وعدم الصلة، جبأ: جبان، بطلا: شجاعا، "ما" نافية، "إلا" أداة حصر، "لئيم" فاعل عاب. "فعل ذي كرم" مفعول عاب ومضاف إليه، "ولا" الواو عاطفة ولا زائدة للتوكيد، "قط"، ظرف لاستغراق الماضي مبني على الضم في محل نصب بحفا "إلا أداة حصر"، "جبأ" فاعل جفا. "بطلا" مفعول.

المعنى: لا يعيب عمل الكرام إلا الأشحاء اللئام، ولا يبتعد عن الأبطال الشجعان إلا الجبناء؛ لأنه لا تآلف بين أصحاب الصفات المتنافرة.

الشاهد: تقديم الفاعل المحصور بإلا في صدر البيت وعجزه، وهو حجة للكسائي والجمهور، لا يرون تقديم المحصور بإلا، إلا إذا كان مفعولًا كما سبق، ويعربون "فعل ذي

<<  <  ج: ص:  >  >>