للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تقدم المفعول جوازًا، فنحو: ﴿فَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾.

وأما وجوبًا ففي مسألتين:

إحداهما: أن يكون مما له الصدر (١)، نحو: ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ﴾، ﴿أَيّمَا تَدْعُو﴾ (٢).

الثانية: أن يقع عامله بعد الفاء (٣)، وليس له منصوب غيره مقدم عليها، نحو: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ (٤)، ونحو: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ (٥)، بخلاف: أما اليوم

وشامها معطوف على آناء.

المعنى: لا يعلم إلا الله -سبحانه- ما أثارته في نفوسنا آثار ديار المحبوبة ورسومها من الشوق واللوعة والحنين إليها.

الشاهد: تقديم الفاعل المحصور بإلا على المفعول، وهو حجة للكسائي، ويمنعه الجمهور ويقولون: إن "ما" اسم موصول مفعول لمحذوف يدل عليه المذكور، والتقدير: فلم يدر إلا الله درى ما هيجت لنا.

(١) أي اسما له الصدر في جملته، كأن يكون اسم استفهام، أو اسم شرط. كما مثل المصنف، وكذلك إذا كان مضافا لاسم له الصدارة، نحو: صديق من قابلت؟ وصاحب أي صديق تكرم أكرم.

(٢) فـ"أي" مفعول مقدم لتنكرون، و"أيا" اسم شرط مفعول مقدم لتدعو، و"ما" صلة و"تدعو" مضارع مجزوم بأيا.

(٣) أي فاء الجزاء، وذلك في جواب "أما" الظاهرة أو المقدرة، ويشترط ألا يفصل بين أما والفاء بشيء آخر.

(٤) مثال لأما المقدرة أي: وأما ربك فكبر.

(٥) مثال لأما الظاهرة، وإنما وجب تقديم المفعول ليكون فاصلا؛ لأن الفعل - وبخاصة المقرون بفاء الجزاء- لا يلي "أما"، ولا يقال إن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها، فكيف عملت هنا في المفعول؟ لأنا نقول: هذا ممنوع إذا كانت الفاء في موضعها الأصلي، وهي هنا مؤخرة من تقديم، وكان حقها أن تدخل على المفعول المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>