والثالث: الاستعلاء، قيل لبعضهم: كيف أصبحت؟ قال: كخير؛ أي عليه (١). وجعل مه الأخفش قولهم: "كن كما أنت"؛ أي: على ما أنت عليه (٢).
والرابع: التوكيد؛ وهي الزائدة؛ نحو: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾؛ أي: ليس شيء مثله (٣).
ومعنى إلى، وحتى: انتهاء الغاية (٤) مكانية أو زمانية؛ نحو: ﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى﴾؛ ونحو: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (٥)؛ ونحو: أكلت
(١) استدل المصنف بهذا؛ لأن القول له، والمجيب هو رؤبة بن العجاج الراجز المشهور، وقيل: الكاف للتشبيه على حذف مضاف، أي كصاحب خير.
(٢) الكاف بمعنى "على"، و"ما" موصولة في محل جر بالكاف، و"أنت" مبتدأ حذف خبره -أي كن على الحال التي أنت عليها. وقيل: "أنت" خبر حذف مبتدؤه؛ أي كن كالشخص الذي هو أنت. وقيل: "ما" زائدة ملغاة والكاف جارة و"أنت" ضمير مرفوع نائب عن الضمير المجرور، وهو في محل جر بالكاف، والجار والمجرور خبر "كن"؛ أي كن فيما يستقبل مماثلا لنفسك فيما مضي. وقيل غير ذلك من الأعاريب.
(٣) هكذا قدره الأكثرون؛ فرارا من إثبات المثل وهو محال عليه -سبحانه-، وقد زيدت الكاف لتوكيد نفي المثل؛ لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة، وقيل: إن الكاف ليست بزائدة، و"مثل" بمعنى الذات أو الصفة، وقيل غير ذلك.
وقد ذكر الناظم من معاني الكاف ما جاء في قوله:
شبه بكاف وبها التعليل قد … يعنى وزائدًا لتوكيد ورد
أي أن الكاف تأتي لتشبيه، وقد تأتي للتعليل، وورد مجيئها زائدة للتوكيد. ولم يذكر الناظم الاستعلاء من معانيها.
(٤) المقصود بالغاية كما تقدم: المسافة والمقدار. والمراد بانتهاء الغاية: أن المعنى قبلهما ينقطع وينتهي بوصوله إلى المجرور بعدهما، وتشاركهما في ذلك "اللام" وقد تقدمت.
(٥) "إلى" هنا لانتهاء الغاية. الزمانية وفي الآية قبلها للمكانية.
* "بكاف" متعلق بشبه. "وبها" متعلق يعني. "التعليل" مبتدأ. "قد يعني" قد للتقليل، ونائب فاعل يعني يعود على التعليل وجملة الفاعل ونائبه خبر المبتدأ. "وزائدا" حال من فاعل. "ورد" الآتي "لتوكيد" متعلق بزائد، "ورد" فعل ماض وفاعله يعود إلى الكاف.