للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

ربما أوفيت في علم (١)

والغالب على "رب" المكفوفة أن تدخل على فعل ماض (٢) كهذا البيت، وقد تدخل على مضارع منزل منزلة الماضي لتحقق وقوعه؛ نحو: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٣).

المعنى: يمدح أخاه بالشجاعة والإقدام والكرم، وأنه لم يتخل عنه، ولم يخذله، ولم يحجم عن لقاء الأعداء معه يوم صفين؛ كما أن سيف عمرو بن معد يكرب لم يخذله ولم ينب في يده عن شيء ما.

الشاهد: أن "ما" كفت الكاف في "كما" عن الجر؛ فرفع "سيف" على الابتداء، وهذا هو الكثير فيها. هذا: وتقع "كما" بعد الجمل صفة في المعنى؛ نحو: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾، وتعرب نعتا لمصدر أو حالا؛ أي نعيده أول خلق؛ إعادة مثل ما بدنا، أو نعيده مماثلا للذي بدأناه. ومثل: "كما": "كذلك".

(١) صدر بيت من المديد لجذيمة بن الأبرش بن مالك بن فهم ملك الحيرة، وهو صاحب الزباء، وعجزه:

ترفعن ثوبي شمالات

اللغة والإعراب: أوفيت: نزلت، علم: جبل. شمالات: جمع شمال؛ وهي ريح تهب من ناحية القطب الشمالي. "ربما" رب حرف جر شبيه بالزائد، و"ما" كافة "ترفعن" مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، "ثوبي" مفعول ترفعن. "شمالا" فاعله.

المعنى: كثيرًا ما أنزل على الجبال العالية، في مهب الرياح العاتية، محتملا المصاعب؛ لأرقب الأعداء؛ يفتخر بأنه يرقب الطليعة بنفسه متحملا لمشاق؛ ولا يعتمد على غيره.

الشاهد: أن "ما" كفت "رب" عن عمل الجر؛ لأنها دخلت على الجملة الفعلية.

(٢) لأن معناها التكثير أو التقليل؛ وهما إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهور، وإذا كانت "ما" كافة، و"رب" غير عاملة، وجب وصلهما كتابة، فإن كانت "رب" عاملة، وجب فصلهما.

(٣) فإن "يود"، وإن كان مستقبلا حقيقة؛ لأنه في يوم القيامة؛ لكن لما كان معلوما لله تعالى، نزل منزلة الماضي، بجامع التحقق في كل، وقيل: إن المضارع مقصود به حكاية حال ماضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>