فأما "إذ"؛ فنحو: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ﴾، ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا﴾ (١)، وقد يحذف ما أضيفت إليه للعلم به (٢) فيجاء بالتنوين عوضا منه؛ كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (٣).
ظرفا للمستقبل بمعنى "إذا"، إذا دلت قرينة على ذلك؛ نحو قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾، ﴿إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِم﴾، وإذا أضيفت لجملة فعلية وجب أن يكون الفعل ماضيا لفظا ومعنى، أو معنى فقط؛ نحو قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾، وقيل: يجب أن يكون معنى الجملة قد تحقق قبل النطق بها، أو أنه سيتحقق من غير شك. وهذا كله ليكون المضاف إليه مماثلا لمعنى "إذ" في الزمن.
وتلزم "إذ" البناء، وتكون في محل نصب على الظرفية؛ إلا إذا أضيف إليها اسم؛ كيومئذ، وحينئذ؛ فتكون في محل جر بالإضافة.
هذا:"وترد "إذ" للتعليل؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾، وهي في هذه الحالة: إما حرف زائد للتعليل كاللام، أو ظرف زمان، والتعليل مستفاد من قوة الكلام، وتأتي لإفادة المفأجاة؛ أي مفاجأة ما بعدها لما قبلها وذلك بعد "بينا" أو"بينما"، نحو: بينا نحن جلوس إذ أقبل علينا ضيف عزيز: وتعرب حينئذ حرف للمفاجأة، أو حرفا زائدًا؛ لتأكيد معنى الجملة.
و"حيث" هي في الغالب ظرف مكان نادر التصرف، وهي مبنية دائما على الضم في محل نصب على الظرفية؛ أو خفض بمن؛ ولا يجوز قطعها عن الإضافة لفظا، ولا يضاف إلى الجملة من أسماء المكان غيرها.
(١) "إذ" في المثالين مفعول به لاذكروا عند بعض النحاة، وعند الجمهور -وهو الحق- أن "إذ" ظرف لمفعول به محذوف؛ أي اذكروا نعمة الله عليكم، إذ أنتم قليل، وإذ كنتم قليلا.
(٢) وأكثر ما يكون ذلك؛ إذا كان المضاف اسم زمان، كيومئذ وحينئذ وساعتئذ؛ فيحف المضاف ويؤتى بالتنيوين؛ عوضا عن الجملة المحذوفة، وتحرك الذال عند التنوين بالكسر؛ للتخلص من الساكنين.
(٣) أي يوم إذ غلبت الروم. و"إذ" حينئذ باقية على بنائها، على الصحيح.