وأما "حيث: فنحو: جلست حيث جلس زيد، وحيث زيد جالس (١)، وربما أضيفت إلى المفرد (٢)؛ كقوله:
ببيض المواضي حيث لي العمائم (٣)
(١) الغالب في الجملة الاسمية بعد "حيث"، ألا يكون خبرها فعلا. وإضافتها للجملة الفعلية أكثر؛ سواء كانت مثبتة، أو منفية.
(٢) يجيز بعض النحاة إضافتها للمفرد، مع بقائها مبنية، نحو: إنا مسافر حيث الهدوء، ويؤيده جواز فتح همزة "أن" بعدها؛ فتكون مضافة إلى المصدر المنسبك من أن ومعموليها، وهو مفرد، وبعضهم يعربها، ويندر أن تقع ظرف زمان أو غيره، ولا يقاس على ما يسمع من ذلك.
(٣) عجز بيت من الطويل، للفرزدق، وصدره:
ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم
اللغة والإعراب: نطعنهم -بضم العين وفتحها- نضربهم؛ يقال: طعنه بالرمح؛ كمنعه ونصره -ضربه ووخزه. الحبا: جمع حبوة؛ وهي الثوب الذي يحتبى به.
والاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعها به مع ظهره، ويشده عليها. وقد يكون الاحتباء باليدين؛ والمراد هنا: أوساطهم. بيض: جمع أبيض، والمراد: السيوف المواضي؛ جمع ماض، وهو النافذ القاطع؛ أي السيوف القواطع. "لي" العمائم: لفها وشدها طاقة بعد طاقة على الرءوس. "تحت الحبا" مفعول ومضاف إليه "بع" ظرف متعلق بنطعن "ضربه" مضاف إليه. وضمير الغائبين مضاف إليه؛ من إضافة المصدر لمفعوله "حيث" ظرف مكان في محل نصب، متعلق بضرب، أو حال. "لي العمائم" مضاف إليه.
المعنى: نضربهم برماحنا في أواسطهم؛ حيث لا يبرءون من الطعن بعد ضربهم بالسيوف القواطع على رءوسهم.
الشاهد: إضافة حيث إلى اسم مفرد، وفي المغني: أن من أضاف "حيث" إلى المفرد، أعربها؛ ومنه قول الشاعر:
أما ترى حيث سهيلا طالعا
بفتح ثاء حيث على أنها مفعول ترى، وخفض سهيل. وفيما يضاف وجوبا إلى الجملة الاسمية والفعلية، يقول ابن مالك: