للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلافا لمن وهم (١)، ولا قراءة بعضهم: ﴿إِنَّا كُلٌّ فِيهَا﴾ (٢)، خلافا للفراء والزمخشري؛ بل ﴿جَمِيعًا﴾ حال (٣)، و ﴿كُلٌّ﴾ بدل (٤)، ويجوز كونه حالاً من ضمير الظرف (٥). ويؤكد بهن لرفع احتمال تقدير "بعض" مضاف إلى متبوعهن؛ فمن ثم جاز: جاءني الزيدان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، لجواز أن يكون الأصل: جاء أحد الزيدين، أو إحدى المرأتين (٦)؛ كما قال تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَان﴾، بتقدير: يخرج من أحدهما (٧). وامتنع -على الأصح: اختصم الزيدان كلاهما؛ والهندان كلتاهما؛ لامتناع التقدير المذكور (٨).

(١) فأعرب "جميعا" توكيد لما الموصولة الواقعة مفعولا لـ"خلق"، ولو كان كذلك لقيل "جميعه"، على أن التوكيد بجميع غريب كما سيأتي، فلا يحمل عليه التنزيل.

(٢) - من الآية ٤٨ من سورة غافر.

(٣) أي من "ما" الموصولة، ومعناها مجتمعا، خلق بمعنى: قدر خلق ذلك في علمه؛ فلا يرد أن الحالية تقتضي وقوع الخلق على ما في الأرض في حالة الاجتماع، وليس كذلك.

(٤) أي بدل "كل" من اسم "إن"، وهو لا يحتاج إلى الضمير.

(٥) أي من ضمير الاستقرار المقدر المرفوع في "فيها". قال في المغني: وفيه ضعفان: تقدم الحال على عامله الظرفي، وتنكير "كل" بقطعها عن الإضافة لفظا ومعنى، والحال واجبة التنكير. قيل: وقد يستغنى عن الإضافة إلى الضمير بالإضافة إلى مثل الطاهر المؤكد بكل، وجعل منه قول كثير.

كم قد ذكرتك لو أجزى بذر كمو … يا أشبه الناس كل الناس بالقمر

(٦) أي: وقد أطلق المثنى وأريد به واحد.

(٧) أي: وهو البحر الملح؛ لأن العذاب ليس فيه ذلك. واللؤلؤ: كبار الدر. والمرجان: صغاره. الآية ٢٢ من سورة الرحمن.

(٨) لأن التخاصم لا يتحقق معناها إلا بوقوعه من اثنين حتما؛ فلا فائدة من التوكيد هنا. ومثله: كل ما يدل على المفاعلة والمشاركة؛ كتقاتل، وتحارب. وهذا رأي الأخفش ومن تبعه. وأجاز الجمهور مثل ذلك، على ما فيه من ضعف بلاغي؛ لأن التوكيد قد يكون للتقوية لا لرفع الاحتمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>