للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ أَدْغَلَ النَّاسُ مِنْ بَيْنِ مُدَّعٍ إِمَارَةً أَوْ جَاحِدٍ زَكَاةً فَلَوْلا اعْتِرَاضُ أَبِي بَكْرٍ دُونَهَا لَكَانَتِ الْفَضِيحَةُ ١.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وفي هذه القصة حرف قد يشكل معناه وهو قول عُمَر حين ازدحم الناس على مصافحة أبي بكر للبيعة فوثبوا على سعد وكان مضطجعا على فراشه فَقَالَ بعض الأنصار قتلتم سعدا فَقَالَ عُمَر "اقتلوه قتله اللَّه"٢ ومعناه والله أعلم أن هذه الكلمة جرت منه جوابا على مذهب المطابقة للفظ الأنصاري يريد بها إبطال معذرته في التثبيط عَنِ البيعة مكان سعد ولم يقصد بها إيقاع الفعل وإنما قَالَ اقتلوه بمعنى لا [٥٠] تبالوا بما ناله من الضغط والألم وأقبلوا على شأنكم وأحكموا أمر البيعة وهذا في مذهب / المطابقة كقوله {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ٣ فسمي الجزاء على العدوان عدوانا وإنما هو جزاء ومكافأة وليس بعدوان في الحقيقة وَقَالَ عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا ٤

يريد فنجازيه على جهله ونزيد عليه.

وفيه وجه آخر وهو أن يكون المعنى اجعلوه كمن قتل واحسبوه في عداد من مات وهلك أي لا تعتدوا بمشهده ولا تعرجوا على قوله وذلك أن سعدا إنما أحضر ذلك المقام لأن ينصب أميرا على قومه على مذهب العرب في الجاهلية أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها وكان حكم الإسلام خلاف ذلك فأراد


١ الفائق "فلت" "٣/ ١٣٩" والنهاية "فلت" "٣/ ٤٦٧".
٢ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "٥/ ٤٤٤".
٣ سورة البقرة: "١٩٤".
٤ شرح القصائد العشر "٢٣٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>