للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: والطعام مرجأ أي غائب مؤجل في ذمة البائع يُقَالُ رجيت الشيء وأرجأته إذا أخرته.

ومن هذا قوله: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} ١.

وتفسير ذلك أن يسلف نقدا في طعام ثم يبيعه بنقد قبل أن يقبضه فيفسد البيع لأن ملكه لا يستقر ولا يتكامل إلا بالقبض وقد نهى رسول الله عَنْ ربح ما لم يضمن ٢ فإذا كان الطعام الَّذِي يبيعه مرجأ أي مؤخرا عَنْ ملكه ومضمونا على غيره لم يجز بيعه لأنهما إنما تبايعا ذهبا ليس بإزائه في الحقيقة طعام.

وَبَيَانُ هَذَا فِي حَدِيثٍ لَهُ آخَرَ. حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ ٣ أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد ٤ أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: كُنَّا نُسْلِفُ فِي السيائب فَنَبِيعُهَا قَبْلَ أَنْ نَسْتَوْفِيهَا فَقَالَ: ذَاكَ بَيْعُ وَرَقٍ بِوَرَقٍ ٥.

يريد أن البيع لم يقع على الثياب الَّذِي هو مضمون على غيره وإنما تقابل الثمنان فصار بيع ورق بورق وبيع الورق بالورق لا يجوز إلا سواء بسواء يدا بيد والمعنيان جميعا ها هنا عدم فبطل البيع فإن كان المشتري إنما باعه من البائع نفسه قبل أن يقبضه كان في الفساد مثل الأول أو أشد وكان حينئد بيع ورق بورق لا غير فإن أقاله فبطل عنه الطعام وصار


١ سورة التوبة: "١٠٦".
٢ أخرجه أحمد في مسنده "٢/ ١٧٥, ١٧٩, ٢٠٥" عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبيه عن جده وأخرجه أبو داود في البيوع "٣/ ٢٨٣" والترمذي في البيوع أيضا "٣/ ٥٢٦" والنسائي كذلك في البيوع "٧/ ٢٨٨" وابن ماجة في التجارات "٢/ ٧٣٨".
٣ د: "محمد بن المكي".
٤ د: "سعيد بن منصور".
٥ أخرجه مالك في الموطأ "٢/ ٦٥٩" وعبد الرزاق في مصنفه "٨/ ٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>