للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث من الفقه استحبابُ الفَأْلِ والتيَمّن بالاسْم الحَسَن وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ الفأْل ويكره التَّطَيُّر ١

أخبرني أبو محمد الكُراني ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمِنْقَرِيُّ نا الأصمعي قَالَ سُئِل ابنُ عَوْن عن الفأل فَقَالَ هُوَ أن يكون مَريضًا فيسمع يا سَالِم أو يكون باغيًا فيَسْمَع يا واجد

والفرق بين الفأل والطِّيَرة أَنَّ الفَألَ إنما هُوَ من طَريق حُسن الظَّنِّ بالله عَزَّ وجَلَّ والطِّيَرَة إنما هي من طريق الاتّكال عَلَى شيء سِواه وفي هذه القِصة أَنَّ بُرَيْدَةَ أَسلَم ومعه سَبْعُون راكِبًا من أهل بيته ثُمَّ قَالَ الحمد لله إذا أَسلَمتْ بَنُو سَهْم طائِعين غير مُكْرَهِين ودعا لهم رَسُول الله فَقَالَ: "أسلَمُ سالَمها اللهُ" ٢ وذلك لأن إسلامهم كان سلما ععن غير حَرْب

وأما قوله: "غِفَارُ غَفَر اللهُ لها" ٣ فَنُرى -والله أعلم- أَنَّه إنّما خَصَّهم بالدُّعاء بالمغْفِرَة لمُبادرتهم إلى الإسلام وقد أَسلَم أبو ذَرٍّ في أول أَيّامِ رَسُول الله وهو بمكة غير ظاهر وَفِي قِصَّةِ إِسْلامِهِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَسْلَمْتُ فَرَأَيْتُ الاسْتِبْشَارَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: "مَنْ أَنْتَ" قُلْتُ أَنَا جُنْدَبٌ ٤ رَجُلٌ مِنْ غِفَارٍ فَكَأَنَّهُ ارْتَدَعَ وَوَدَّ أَنِّي كُنْتُ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِي وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يُقْرَفُونَ ٥ بِهِ مِنَ الشَّرِّ وَكَانُوا يَسْتَحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ


١ أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢/ ٣٣٢ بلفظ"الطيرة".
٢ النهاية "سلم" ٢/ ٣٩٤ وجاء فيها: ويحتمل أن يكون دعاء وإخبارا, إما دعاء لها أن يسالمها الله ولا يأمر بحربها أو أخبر أن الله قد سالمهاومنع من حربها.
٣ أخرجه البخاري في مواضع منها ٢/ ٣٣, ومسلم ١/ ٤٧٠ و ٤/ ١٩٢٢, والترمذي ٥/ ٧٢٩ وغيرهم.
٤ م: "أبا جندب"
٥ ت: "يعرفون".

<<  <  ج: ص:  >  >>