للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} ١. وقال النابِغَةُ:

أمن آلِ ميّةَ رائحٌ أو مُغتدي ٢

وقال عمر بن أبي ربيعة:

أمنْ آلِ نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فُمهَجِّر ٣

وكان أبو الدرْداء إذا رَأَى جنَازةً قَالَ: رُوحِي فإنّا غادون ٤ وهذا أبْيَنُ من أن يُستَشْهد له

فأما قَولُهم عند الرَّحِيل الرُّواح فإنَّما يقال ذَلِكَ لأَنَّ رِحيلَ المسافر إنّما يكون في الغالب وَقتَ الرَّواحِ والإِبْراد ثُمَّ كثرُ ذَلِكَ حتى استَجازوا أن يقولوه في غير حِينِه وهذا كقولهم في الاستغاثَةِ عند مُفاجَأة العَدُوِّ أيّ وَقْتٍ كانت واصَبَاحَاه لأن الغالِبَ أن العدوَّ إنما يُصبِّحُ القومَ ويأْتِيهم حالَ الغرة والأمن.

وأما قول ابن أَبِي رَبِيعة:

أيّها الرائحُ المُجدّ ابتكَارَا ... قد قضى من تِهامَة الأَوْطارا

ليتَ ذا الحجَّ كان فرضًا علينا ... كُلَّ يوميْن حِجَّةً واعْتِمارا ٥

فإنّه أراد الرّائح إلى منزله المُزْمِعَ الرَّحيلَ بُكْرةَ غَدِه.

وأما قَولُه: أَهْدَى دجاجةً وأَهدَى بيْضةً فمن المحمول عَلَى حُكْم ما تَقدَّمه من الكلام كقولكَ: أكَلْتُ طعامًا وشَرابًا والأكلُ إنما ينصرف إلى الطعام


١ سورة سبأ: ١٢.
٢ ملحق بالديوان /١٠٢.
٣ الديوان /١٢٠.
٤ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٣/ ٥٤٩ عن أبي هريرة بمثله.
٥ الديوان /١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>