ما ذَهَب إليه مالكُ بن أنس. أخبرني الحسنُ بنُ يَحْيى عن ابنِ المُنذِر قَالَ: كان مالِكُ بنُ أنس يقول في هذا الحديث: لا يكون الرواح إلا بعد الزَّوال قَالَ وهذه الساعات كلّها في ساعةٍ واحدةٍ من يوم الجمعة يذهَبُ إلى قولِ القائل جِئتُ منذ ساعة وقَعدتُ عند فلانٍ ساعةً وتحدَّثتُ معه ساعةً وما أشبه ذَلِكَ يريدُ به جُزءا من الزمان غَيَر مَعلُوم دُونَ الساعاتِ التي هي أوراد الليل والنهار وأقسامهما.
والوَجْهُ الآخرُ ما ذهب إليه محمدُ بن إبراهيم بن سعيد البُوشَنْجِيّ.
أخبرني أحمدُ بنُ الحُسيْن التّيمِيّ قَالَ: قَالَ أبو عَبْدِ الله قولُه: راحَ إلى الجُمُعة وهَجَّر إلى الجُمُعة في هذا الحديث إنما هُوَ بعدَ طلوعِ الشّمس كأنه يذهبُ إلى معنى القَصْد منه دُونَ الفِعْل وذلك أَنَّه إنما تُصلَّى الجُمُعة بعد الرَّواح فسُمِّي رائحًا بالقَصْد وهذا كما قيل للمتساوِمَيْن مُتَبايَعَان لِقَصْدِهما البَيْعَ وللمُقْبِلينَ إلى مكَّةَ حُجَّاج ولمّا يَحُجُّوا بَعْد وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ" ١ يُرِيد مَنْ أشرفَ عَلَى المَوْت ومثلُه كَثِير وزعم بعضُهم أَنَّ الرّائح هُوَ الخارِجُ عن أَهلِه وكلُّ مَنْ خرج في وقت من الأوقات فقد رَاحَ قَالَ وعلى هذا مَذْهَب العَرَب إذا أرادوا الرَّحِيل أيَّ وقت كان من ليلٍ أو نهارٍ قَالُوا: الرَّواح.
قَالَ أبو سليمان: والأَمرُ في هذا واضح غيرُ مُشكِلٍ والفَرقُ بين الأمْرين موجودٌ في مُسْتَفِيض كَلامِ النَّاس أَلا تراهم يَقُولُون غَدوْنا ورُحْنا إلى بَابُ فُلان وغَدوتُ إلى السُّوق ورُحتُ إلى أهِلي.
قَالَ الله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ
١ أخرجه مسلم ٢/ ٦٣١ وأبو داود ٣/ ١٩٠ والترمذي ٣/ ٣٠٦ والنسائي ٤/ ٥ وابن ماجه ١/ ٤٦٤ وغيرهم.