للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَنْ هَجَم عَلَى قَطْع سِدْرٍ لقوم أو لِيَتيم أو لمن حَرَّم الله أن يَقْطع عَلَيْهِ فتحامَل عَلَيْهِ فقَطَعه فيَسْتحق ما قاله لِهجُومه عَلَى خلاف أمرِ الله فتَكُون المسأَلَة سبقَتِ السَّامعَ فسمِعَ الجَوابَ ولم يسْمَع المسألَة فأدَّى ما سَمِع دون ما لم يَسْمَع.

وَنَظِيرُهُ مَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ" ١. فَسَمِعَ الْجَوَابَ وَلَمْ يَسْمَعِ المسألة. وقد قال: "لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ إلا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًّا بِيَدٍّ" ٢.

قَالَ المُزَني: والدليلُ عَلَى جَوازِ قَطْع السِّدْر أنّ المَرْءَ أَحَقُّ بماله ولمّا لم أَرَ أحدًا يمنَعُ من ورَق السِّدْر والورَق من بَعْضها كالغُصْنِ منها وقد سوَّى رَسُولُ الله فيما حَرَّم قَطْعَه بيْنَهُ وبين عضده لقوله في شَجَر مَكَّة: "لا يُعْضَدُ شجرها". وفي إجازة النبي أن يُغسَّل الميِّتُ بالسِّدْر دَلِيلٌ عَلَى أن قَطْعَه من شَجره مُباحٌ ولو كَانَ حرامًا لم يَجُز الانتفاعُ بِهِ.

قَالَ مالك بن أنس: إنما نهى عَنْ قطع السِّدرِ بالمدينة ليكون مُستَظَلًّا للناس وليستأنسوا بِهِ ولا تستوحِشَ عَرْصَتُها.٣

فأمّا حديث أبيض بْن حمَّال قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ الله مَاذا يُحْمَى من الأَراكِ قَالَ: "ما لم تَنَلْه أَخفَافُ الإِبل" ٤. فإِن أَبَا عُبَيْد ذكره في كتابه,


١ أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٢٠٠, ٢٠٢, ٢٠٦, ٢٠٩ عن أسامة بألفاظ متقاربة. وأخرجه مسلم في المساقاة ٣/ ١٢١٧, ١٢١٨.
٢ أخرجه البخاري في البوع ٣/ ٩٧ ومسلم في المساقاة ٣/ ١٢٠٨ وأحمد في سمنده ٣/ ٤, ٩.
٣ من م. وفي القاموس "عرص": العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء.
٤ أخرجه أبو داود في الخراج ٣/ ١٧٥ والترمذي في الأحكام ٣/ ٦٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>