للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وإنما نَهى أن يُحَمَى ما نالَتْه أَخفافُ الإبل من الأَراك لأنّه مَرعى لها فرآه مُباحًا لابن السَّبيل وذلك لأنّه كلأ والنَّاسُ شُركَاءُ في الماء والكلأ وما لم تَنلْه أخفافُ الإبل كَانَ لَمنْ شَاءَ أن يحمِيه حَمَاه.

قَالَ أبو سُليمان: وهذا كما قاله أبو عُبَيْدٍ إلا أنّه مَعَ ذَلِكَ لم يُبيّنْ ما تَناله أَخفافُ الإبل ممّا لا تَناله فيُعْلم ما يجوز أن يُحمَى مِمّا لا يَجوزُ حِماه وبَيانُ ذَلِكَ ما أخبرناهُ ابن داسة عَنْ أَبِي داود عَنْ هارون بْن عَبْد الله قَالَ: قَالَ لي محمد بْن الحسن المخزومي: ما لم تَنَلْهُ أخْفافُ الإبل هُوَ أنّ الإبل تأكُل مُنْتَهى رُؤوسِها ويُحْمى ١ ما فوقه.

وفيه وجهٌ آخَرُ وهو أن يُرادَ بأخْفافِ الإبل مسانُّها. قَالَ الأصمعيُّ: الخُفُّ الجَملُ المُسِنُّ وأَنْشَد:

سَألْتُ زيدًا بَعْدَ بَكْرٍ خُفَّا ... والدَّلوُ قد تُسْمَعُ كي تَخِفَّا ٢

٣ أَيْ سَأَلْتُه بَكْرًا من الإبل فلمّا منعه اقتصرْتُ عَلَى خُفٍّ وهو المُسِنُّ. ويُقَال: أَسْمَعْتُ الدَّلْوَ إذَا شَدَدْتَ عَلَى أسْفَلِها خيطا لئلا تمتلئ ماء فتخف عَلَى المُسْتَقِي ٤. والمعنى أَنَّ ما قَرُبَ من المَرْعَى لا يُحْمَى بل يُتْرك لمسَانِّ الإبل. ولِمَا في معناها من حاشية المال وضِعَافِها التي لا تَقْوى عَلَى الإِمْعَان في طلَب المَرْعى.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُهُ الْآخَرُ أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ دَاسَةَ نا أَبُو دَاوُدَ نا محمد بن


١ ت: "فتفنى" وفي النهاية "خفف": نهى عن حمي الأراك إلا مالم تنله أخفاف الإبل: أي مالم تبلغه أفواهها بمشيها إلبيه.
٢ الفائق ٢/ ٤٠٠ واللسان والتاج "خفف" دون عزو.
٣ ساقط من هنا من نسخة ط نحو ست صفحات من حجم الفلوسكاب.
٤ ساقط من م, ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>