للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستغيث مع كمال استعداده، ولا يخاف ممن اضطر في يده مثل ذلك المستغيث، وعلى التقديرين يحتمل أن يريد بالفنيق: المرحل، المنتزع منه، فيكون مشبها للصورة المنتزعة بالمنتزع منه، في كونه فحلا مكرما، مشخصا من مكانه، مرسلا إلى جانب العدو.

(ومنها) ما يكون بدخول «في» على المنتزع منه (نحو قوله تعالى: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ (١) أي: في جهنم وهي دار الخلد).

قال الشارح: لكنه انتزع منها دارا أخرى، وجعلها معدة في جهنم لأجل الكفار؛ تهويلا لأمرها ومبالغة في اتصافها بالشدة، هذا وفيه نظر، لأن انتزاع دار الخلد يفيد المبالغة في الخلود، لا في الشدة، ثم إنه يمكن أن لا تكون «في» للانتزاع، بل تكون لإفادة أن دار الكفار ومنزلهم بعض من جهنم، وكيف لا، وكثير منها مشغول بالفساق من المسلمين، بل هي أوسع أن يشغلها جميع من دخلها قال تعالى: هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٢).

(ومنها نحو قوله: ) أي: قول قتادة بن مسلمة الحنفي. قال الشارح: أي ما يكون بدون توسط حرف هذا، ولا يخفى أنه لا تقابل بينه وبين ما سيأتي، فالمراد: ما يكون بدون توسط حرف ومدخلية كناية، ومن غير مخاطبة الإنسان لنفسه. (فلئن بقيت لأرحلنّ) رحل كمنع. بمعنى: انتقل (بغزوة تحوي الغنائم) أي: تجمعها صفة غزوة، والفاعل ضميرها أو الضمير محذوف، أي:

تحوى فيها الغنائم، وهو التفات من المتكلم إلى الخطاب، ففي البيت ثلاثة التفاتات كل منها من قسم، وروي «نحو الغنائم» وجعله في شرح الحماسة أصلا.

وقوله: «تحوي الغنائم» رواية بعض، وهو يوجب كون: (أو يموت كريم) لغوا مستغنى عنه بقوله: «فلئن بقيت» فإنه منصوب بمعنى: إلا أن يموت كريم، وحينئذ يجب أن يجعل الاستثناء من جميع الغنائم، لا من الرحلة وإلا لغا، فتأمل.


(١) فصلت: ٢٨.
(٢) ق: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>