للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحَرَّمِ (١) والمراد به: واد لا نبات فيه، ولا ماء.

ومن لطيف هذا النوع قول بعضهم في صبيح الوجه: دخل الحمام فحلق رأسه

تجرّد للحمّام عن قشر لؤلؤ ... وألبس من ثوب الملاحة ملبوسا

وقد جرّد الموسى لتزيين رأسه ... فقلت: لقد أوتيت سؤلك يا موسى

(ولا بأس بتغيير يسير في اللفظ للوزن أو غيره) كالتنبيه لأنه إيراد القرآن أو الحديث لا على أنه منه، نعم لو أورده على أنه منه لا يصح التغيير.

وأما التغيير الكثير فيخرجه عن كونه اقتباسا، والتغيير اليسير كوضع المظهر موضع المضمر كقوله: أي قول بعض المغاربة: قد كان ما حفت أن يكونا إنا إلى الله راجعونا، فإن القرآن وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أو تبديل اللفظ بلفظ يساوي مفهومه مفهومه، كتبديل ما خلق له بما هو مخلوق له، كقول القاضي منصور الهروي الأزدي:

ولو كانت الأخلاق تحوي وراثة ... ولو كانت الآراء لا تتشعّب

لأصبح كلّ الناس قد ضمّهم هوى ... كما أنّ كلّ النّاس قد ضمّهم أب

ولكنّها الأقدار كلّ ميسّر ... لما هو مخلوق له ومقرّب (٢)

فإنه مقتبس من قوله عليه السّلام: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (٣).

أو وضع ضمير راجع إلى ما يساوي مفهومه مفهوم، لفظ في المقتبس موضعه، كقول عمر الخيام:

سبقت العالمين إلى المعالي ... بصائب فكرة وعلوّ همّه

ولاح بحكمتي نور الهدى ... في ليال للضّلالة مدلهمّه

يريد الجاهلون ليطفئوه ... ويأبى الله إلا أن يتمّه

فإن أصله يتم نوره أي نور الله، فوضعه موضع الضمير الراجع إلى نور الهدى، وهو يساوي نور الله.


(١) إبراهيم: (٣٧).
(٢) انظر الأبيات في الإيضاح: ٣٦٢.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما في باب القدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>