ولا يصح أن يقال: لأنه أصل الكلام، والطلبي أو الإنكاري يحصل بزيادة لأنه يشكل بقوله: إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ فإنه ابتدائي، وبقوله لا رَيْبَ فِيهِ (١) فإنه طلبي ويمكن توجيهه فتأمل. وقيل: لأنه مبني على ما أصل المخاطب أن يكون عليه، ولذا يعتبر خاليا ما لم يشهد شاهد على خلافه.
(والثاني طلبيّا، والثالث إنكاريّا) ولو قال: والخلو والطلب والإنكار ظاهر الحال، والوجوه التي تتبعها مقتضى الظاهر لكان قوله:(وإخراج الكلام عليها) أي على مقتضاها (إخراجا على مقتضى الظاهر) أي مقتضى ظاهر الحال في غاية الظهور.
وفي المفتاح: وإخراج الكلام في هذه الأحوال، يريد الخلو، والطلب، والإنكار على الوجوه المذكورة، يريد الخلو عن التأكيد، والتأكيد وزيادته إخراج مقتضى الظاهر هذا ومقتضى الظاهر ومقتضى خلافه كلاهما مقتضى الحال، كما أن ظاهر الحال وباطنه كلاهما حال، فمقتضى الظاهر أخص من مقتضى الحال، لأن التسمية هنا ذكر بالتركيب الإضافي، فمنع الأخصية منع لما حكم به صريح العقل، فلا يقبل، وإن جعله الشارح المحقق مستندا بأنك إذا جعلت المنكر كغير المنكر وأكدت الكلام عملا بمقتضى الظاهر تحقق مقتضى الظاهر بدون مقتضى الحال؛ لأن الحال يقتضي ترك التأكيد، مع أن السند مندفع بأن الحال هو الأمر الداعي إلى التكلم على وجه مخصوص.
فالإنكار مع تنزيله منزلة لا ليس حالا، فليس التأكيد مقتضى الظاهر، ولا مقتضى الحال. ولو نازعت زاعما أن الحال ما يدعو إلى ذلك في الجملة غير مقيد بحال الدعوة، وجارينا معك فنقول: ليس التأكيد بعد مقتضى الحال؛ لأن التنزيل مانع عن اقتضائه، وكيف لا ولو كان التأكيد حينئذ مقتضى الحال لكان الكلام مطابقا لمقتضاها فكان بليغا، مع أنه بمراحل عن البلاغة، لا بما ذكر الشارح من أنا لا نسلم، ليس على وفق مقتضى الحال؛ لأن المقتضي لترك التأكيد هو الحال بحسب غير الظاهر لا مطلق الحال، ولا يلزم من كونه على خلاف