مقتضى الحال بحسب غير الظاهر كونه على خلافه مطلقا، لأن انتفاء الخاص لا يوجب انتفاء العام على أنه لا معنى لجعل الإنكار كلا إنكار، ثم تأكيد الكلام؛ إذ لا يعرف اعتبار الإنكار وعدمه إلا بالتأكيد وتركه؛ لأن منع السند غير مسموع. على أنك سمعت ما يدل على أنه ليس مقتضى الحال، وكون التأكيد في الصورة المذكورة، مقتضى الحال لا يتوقف على الإتيان به، حتى يضر سلب المعنى عن الإتيان به أحسن التأمل، فإن هذا من مراقي التعقل.
(وكثيرا ما) أي إخراجا أو زمانا كثيرا غاية في الكثرة أو (يخرج) الكلام (على خلافه) حال كونه كثيرا كذلك، ولقد أعجب حيث وسم قسم المخرج على خلافه بالقلة، حيث قال: وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل، والمخرج على خلافه بخلافها.
قال الشارح المحقق: يعني أن وقوعه في الكلام كثير في نفسه لا بالإضافة إلى مقابله، حتى يكون الإخراج على مقتضى الظاهر قليلا، وكأنه استبعد كون مواقع مقتضى الظاهر أقل من خلافه، فعدل في شرح العبارة عن مقتضى الظاهر.
ونحن نقول: مقتضى الظاهر أقسام ثلاثة: الكلام مع الخالي والمتردد والمنكر، وأقسامه خلاف مقتضى الظاهر تسعة: الكلام مع العالم ثلاثة لتنزيله منزلة الحال، أو المتردد، أو المنكر، والكلام مع الخالي المنزل منزلة المتردد أو المنكر؛ لأن الخطاب ينافي التنزيل منزلة العالم، والكلام مع المنكر المنزل منزلة آخرين، والكلام مع السائل المنزل منزلتهما، وكثرة أقسام الشيء تقتضي بكثرته.
على أن الظاهر أن المراد أنه في مقام وجد وجه التنزيل يجوز الوجهان، أو التنزيل أكثر من الجري على مقتضى الظاهر؛ لأن البليغ أميل به لدقته لكن ذلك يستدعي وصف التنزيل منزلة العالم بالكثرة. (فيجعل غير السائل) تفصيل لإخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، أو هو متناول يجعل العالم والخالي والمنكر (كالسائل) إلا أنه ينزل العالم منزلة السائل بعد تجهيله، فتنزيله منزلة الجاهل ودخوله في قوله: وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل لا يغني عن إدخاله في هذا البحث لأنه بعد تنزيله منزلة الجاهل لتنزيله منزلة الخالي مقام، ولتنزيله منزلة