للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه (رب إني وضعتها أنثى) مع كونه إنشاء أوضح دلالة.

الثالث: أن ما ذكره في ضمير الشأن يرده قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) على ما ذهب إليه المفسرون من حمله على الشأن، ودفعه الإمام في نهاية الإيجاز بأن مراده أن ضمير الشأن لا يدخل على الجملة الشرطية بدونها، ويرده تمثيل الشيخ بقوله: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٢).

الرابع: أن (إن) ليس لتهيئة النكرة لكونه مبتدأ، لأن اسم إن ليس مبتدأ، فالصواب أن يقال: لتهيئة النكرة، لأن يصلح مسندا إليه، وبالجملة ينافي صحة دخول إن على النكرة الصرفة ما اشتهر فيما بين النحاة أن اسم إن مرفوع المحل لكونه مبتدأ قبل دخول إن؛ إذ النكرة الصرفة لا تصلح لكونها مبتدأ، مع وقوعها اسم إن، وثانيا بما نقله عن الكشاف أن ترك تأكيد المنافقين قولهم: آمَنَّا في مخاطبة المؤمنين لأنه لا يروج منهم التأكيد، أو لأنه لا تساعدهم أنفسهم على التأكيد لعدم نشاطهم في هذا الخبر، وعدم صدق رغبتهم، بخلاف قولهم إِنَّا مَعَكُمْ (٣) في مخاطبة إخوانهم إذ هم فيه على صدق رغبة ووفور نشاط، وهو رابح عنهم متقبل منهم، فكان مظنة للتحقيق.

وفيه أنه يحتمل أن يكون التأكيد لصدق الرغبة لتنزيل المخاطب منزلة المنكر في أن المتكلم في مقام الإخبار له كالمخبر مع المنكر في كمال الاهتمام، بتقرير الخبر في ذهنه، وعدم التأكيد لعدم صدق الرغبة، لتنزيل المنكر منزلة الخالي في أنه ليس له مزيد اهتمام في الإخبار له، كما أنه ليس له مزيد اهتمام في الإخبار للخالي، إلا أن عدم الاهتمام هنا لعدم كون التقرير في ذهن السامع مطلوبا، وفي الخالي لعدم حاجته إلى مزيد الاهتمام بإيصال الخبر.

وثالثا: بما استخرجه من موارد الاستعمال حيث قال: وقد يؤكد الحكم بناء على أن المخاطب ينكر كون المتكلم عالما به، معتقدا له، كما تقول: إنك لعالم كامل، وعليه قوله تعالى: قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ (٤) وإذا أردت أن


(١) الإخلاص: ١.
(٢) المؤمنون: ١١٧.
(٣) البقرة: جزء من الآية ١٤.
(٤) المنافقون: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>