للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحقق من أن قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً (١) يفيد الذكر؛ لأن التحرير لا يكون إلا للذكر وهو عتق الذكر لخدمة بيت المقدس، ومنها: أن قوله: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً بتقدير شرط واضح أي:

لو كان ذكرا، ومنها: أن قوله: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى (٢) تحسرا على فوت الذكر فيذكره، لكن ما ذكره المصنف توجيه حسن أليق بهذا المقام تنبهت له- وإن خفى على الفحول الأعلام- والحمد لله على الإنعام بالإلهام.

وجعل الرضى علي وصف المنادي المبهم نحو: يا أيها الرجل وصف اسم الإشارة نحو هذا الرجل للعهد لكونه معلوما البحضور وتبعه الشارح المحقق وفيه تأمل؛ لأن الظاهر أنه لرفع الإبهام ودفع التباس في الإشارة الحسية ببيان الجنس وبه يشعر كلام النحاة فهو لتعريف الجنس، نعم يقع الجنس على حصة متعينة غاية التعين، وفرق بين المقصد بالعبارة وبين انصراف العبارة إليه، قيل ذلك مقيد بما إذا استعمل اسم الإشارة في المشاهد على ما هو وضعه أو ذكر اسم الإشارة على وجه الإهمال لا على وجه كلي أي: اسم الإشارة في الجملة فلا يرد أن اسم الإشارة قد يكون إشارة إلى الجنس الذي جعل وصفا له (أو إلى نفس الحقيقة) ومفهوم المسمى أو المفهوم المجازي فإن لام التعريف كما تدخل على الحقيقة تدخل على المجاز فيقول: الأسد الذي يرمي خير من الأسد المفترس والمراد الإشارة إلى المفهوم سواء اقتصر الحكم على المفهوم أو اقتضى صرفه إلى الفرد فالأول (كقولك: الرجل خير من المرأة) والثاني ما يشير إليه قوله وقد يأتي وقد يفيد، ولا يصح تقييد الحقيقة بما لم تعبر معه قصد الإفراد كما يشعر به كلام الشارح وأن يوهمه التمثيل وإلا فلا يصح جعل العهد الذهني والاستغراق داخلين تحته، وكون جنس الرجل خيرا من جنس المرأة لا ينافي كون شخص مرأة خيرا من شخص رجل فإن العوائق قد يمتنع عما يستعدّه الجنس وقد يكون الإشارة إلى نفس الحقيقة لدعوى اتحاده مع شيء وجعل قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وهو الذي قصده جار الله تعالى حيث قال: إن معنى التعريف في (المفلحون)


(١) آل عمران: ٣٥.
(٢) آل عمران: جزء من الآية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>