وأجيب بأن الخبر الفعلي هنا نفي القول وحرف النفي من تتمة المسند ولا يعد فيه بل هو نظير لا فِيها غَوْلٌ (١) حيث جعل لتخصيص القول بعدم كونه في خمور الجنة وأورد عليه السيد السند بأنه يستدعي عدم الفرق بينه وبين «ما أنا قلت» وسيأتي الفرق ونقول: لولا الفرق لم يصح تقييد الحكم بقوله (إن ولي حرف النفي) أي: كان المسند إليه بعد حرف النفي بلا فصل، ويمكن دفعه بأن الفرق ليس في إفادة التخصيص بل في خصوصيات أخر وكيف لا وقولك «أنا ما قلت» داخل في قوله وإلا فقد يأتي للتخصيص ... إلخ وقد أزال ما في قوله تخصيصه بالخبر الفعلي من خفاء بينا لك فتنبه بقوله (نحو: ما أنا قلت هذا أي: لم أقله مع أنه مقول) أي: لغيري حيث أفاد به أن التقديم لقصر المسند على المسند إليه دون العكس، ولتخصيص نفي القول دون القول، فقولك «ما أنا قلت» هذا إنما هو في شيء ثبت أنه مقول وتريد نفي كونك القائل ردا على ما زعم شركتك مع غيرك واختصاصك به وبراءة غيرك عنه كذا قالوا، والظاهر أنه لا ينحصر فيه بل يجوز أن يكون ردا لترديد المخاطب الأمر بينك وبين غيرك فيكون قصر تعيين هذا إذا قصد قصر إضافي، أما لو قصد حقيقي فينبغي أن يكون جميع من عداك قائلا به، ولا يجب أن يكون هناك اعتقاد مشوب بصواب وخطأ. بقي أنه كيف يكون تخصيص النفي رد الخطأ اعتقاد الثبوت؟ بل ينبغي أن يكون لرد خطأ في اعتقاد النفي كما في «أنا ما قلت» ويمكن دفعه بأنه لما لم يذكر من جزئي القصر إلا النفي أريد الإشعار بتسليم الثبوت للمشارك في قصر الإفراد وبالثبوت لمن اعتقد النفي عنه في قصر القلب، وذلك يحصل بحصر النفي في المسند إليه (ولهذا) أي:
ولأن التقديم يفيد التخصيص ونفي الفعل عن المذكور مع ثبوته للغير (لم يصح:
ما أنا قلت هذا ولا غيري) قالوا: لأن مفهوم أول الكلام ثبوت هذا القول لغير المتكلم، ومنطوق المعطوف نفيه عن الغير وهما متناقضان، ولك أن تقول: لأن أول الكلام يفيد تخصيص السلب بالمتكلم، ولا حقه نفي التخصيص ولأنه تسليم ثبوت القول وتصويبه مع سلبه عنك وعن جميع أغيارك فيلزم إثبات القول من غير قائل، والأظهر أن العطف دال على أنه لم يقصد الحصر بالتقديم فليس اللازم