على من زعم رؤيته دون غيره أحدا أو مشاركته فيها من غير تعيين الغير بل أي غير كان، وحينئذ لا يصح هذا التركيب لظهور أنه لا محالة رأى غير ما أحدا فلا فائدة في الإخبار بها، بل التركيب المفيد ما رأيت أحدا لكن القوم برمتهم قالوا:
لم يصح هذا التركيب؛ لأن تصويب المخاطب يقتضي أن يكون إنسان غير المتكلم قد رأي كل واحد وهو ظاهر البطلان، أو لأن التخصيص يقتضي أن يكون المخاطب معتقدا أنك رأيت كل أحد، ولا يتصور هذا الاعتقاد لعاقل، ويمكن أن يقال: لأن تصويبك المخاطب يقتضي أن يكون معتقدا أن إنسانا غيرك رأى كل أحد، وأن يكون في مقام الرد طامعا أن يعتقد المخاطب ذلك، وعلل المصنف ذلك بأنه يجب إثبات المنفي بعينه للغير، والمنفي هناك الرؤية الواقعة على كل أحد، وأورد عليه الشارح المحقق أن ذلك منه، بل المنفي الرؤية الواقعة على فرد من أفراد الناس، ولا يلتبس أحدهما بالآخر عند من لا يلتبس عليه السلب الجزئي بالسلب الكلي، ثم بين ذلك، بأن تقديم المسند إليه بإيلائه حرف النفي يفيد إثبات المنفي للغير على وجه نفي: إن عامّا فعام وإن خاصّا فخاص ناقلا ذلك عن الشيخ، ولا يخفى أنه يمكن رد ما قاله المصنف إلى ما ذكره بحمل قوله؛ لأن المنفي هو الرؤية الواقعة على كل أحد على السلب الكلي دون الإيجاب الجزئي، لكن هذا التوجيه يوجب اختلال المتن؛ لأن قوله: ولهذا لم يصح ما أنا رأيت أحدا حينئذ يكون تعليلا لما لم يذكر؛ لأنه تعليل لكون التركيب لإسناد المنفي لغير المسند إليه على وجه نفي، وهو غير مذكور بل لم يذكر؛ إلا أن التقديم يفيد التخصيص بنفي الخبر الفعلي، وأيضا تخصيص النفي لا يفيد إلا ثبوت ما نفي عن المتكلم بغيره، وهو رؤية أحد لا بعينه لا رؤية كل واحد حتى يلزم ثبوتها للغير، فاللازم ثبوت رؤية أحد لا بعينه للغير وكيف لا وإفادة التقديم التخصيص بالفحوى لا بالوضع حتى يصح أن يقال: إنه في عرف البلغاء لهذا المعنى، والمفهوم من الفحوى ليس إلا هذا القدر، وأيضا لو كان المفاد إثبات المنفي على وجه نفي لكان: ما أنا رأيت كل أحد للإيجاب الجزئي للغير، لأن السلب فيه على الوجه الجزئي مع أنهم لم يفرقوا بين: ما أنا رأيت أحدا، وما أنا رأيت كل أحد، فمعنى كلام الشيخ أن المثبت هو المنفي على وجه نفي، وكان