عليه حين تعلق النفي لا بعد التعلق النفي، نعم ينفيه ما قاله: إنه لا يصح أن يقال: ما أنا قلت شعرا؛ لأنه يقتضي أن يكون إنسان قد قال كل شعر في الدنيا، لكن تأويله أن التمثيل به يجعل: قلت شعرا للعموم لما أن النكرة ربما يكون في الإثبات عامة نحو: تمرة خير من كسرة، فكما أن قولك: ما تمرة خير من كسرة لرفع الإيجاب الكلي دون السلب الكلي، فكذلك: ما أنا قلت شعرا في هذا المقام، ولا مناقشة في التمثيل، وما يورد لتصوير الشيء وتوضيحه، وقس عليه قوله: ما أنا رأيت أحدا، واستغن به عن دعوى أنه سهو الكاتب، والصواب: ما أنا رأيت كل أحد، وعما قيل: أن لفظ أحد بمنزلة كل أحد، لما أنه في الإيجاب لا ينفك عن الكل، إذ لم يكن همزته مبتدلة عن الواو كما في أحد عشر، أو لأنه يصح استعماله بمعنى الجمع كما صرح بهما أئمة اللغة، فليحمل على معنى الآحاد المستغرقة لكل أحد؛ لأنهما مع ضعف الأول وبعد الثاني لا يجريان فيما أنا قلت شعرا.
هذا غاية ما بذلنا الجهد في تحقيق الكلام، وقال السيد السند: إن التفصيل هاهنا أن يقال: إن كان النزاع في رؤية واقعة على شخص معين، كزيد مثلا يقال: ما أنا رأيت زيدا، فيكون هناك من رأى زيدا وهو ظاهر، وإن كان في رؤية واقعة على أحد لا بعنيه يقال: ما أنا رأيت الأحد من الناس، أو ذلك الأحد فإنه وإن كان غير معين، لكنه معهود من حيث تعلق الرؤية به فحقه أن يشار إليه بذلك الاعتبار، ولا يصح أن يقال هاهنا: ما أنا رأيت أحدا؛ لأنه في قوة قولك: ما أنا رأيت زيدا، ولا عمرا، ولا بكرا إلى غير ذلك في إفادة نفي الرؤية بالنسبة إلى كل واحد من المفاعيل، وإن اختلفا في الظهور والنصوصية، فيبقى عموم نفي الرؤية لكل واحد منها ضائعا؛ لأن الفعل المثبت في اعتقاد المخاطب متعلق منسوب إلى واحد، فلا يحتاج في رد خطئه في الفاعل إلى نفيه عن كل واحد، وإن كان النزاع في رؤية واقعة على كل أحد فهناك عبارتان إحداهما: أن يقال: ما أنا رأيت كل أحد، والثانية: ما أنا رأيت أحدا، وهذه أخصر من الأولى.
وفي إفادتها للمعنى المذكور نوع خفاء ودقة ولهذا اختلف فيها، وتوجيهها ما