للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك الصفة العجيبة، والحالة البديعة، فإن قلت: بذكر اسم الإشارة لا يزيد فيه تمييز إذ لا تصحبه الإشارة المفيدة لكمال التميز، فكيف يوجب كمال العناية بتميزه ذكر اسم الإشارة الغير المفيد له؟ قلت: إذا أبرزه في معرض المحسوس جعل بصيرة السامع متوجهة إليه توجه الباصرة إلى المحسوس، فحصل عنده مزيد تمييز، والأظهر أنه للتنبيه على كمال ظهوره إلى أن بلغ منزلة المحسوس.

قال السيد السند، وقد رد على ابن الراوندي من قال: كم من أريب فهم قلبه مستكمل العقل مقل عديم، ومن جهول مكثر ماله، ذلك تقدير العزيز العليم، ومن قال: نكد الأريب وطيب عيش الجاهل قد أرشدك إلى حكيم كامل (أو التهكم بالسامع) جعله المفتاح عديل الاختصاص بحكم بديع، ووجه كمال العناية تمييزه، وكذا نظائره التي بعدها، واعترض عليه بأن التهكم بالسامع ونظائره يوجب إيراد اسم الإشارة، ولا يوجب كمال العناية بتمييزه، وأجاب عنه السيد السند في شرح المفتاح: بأن التهكم بطلب اسم الإشارة الموجبة لكمال التميز، فالتهكم يصير سببا لكمال العناية بتميزه الموجب لإيراد اسم الإشارة، ولا يخفى أنه تكلف، فلذلك قال الشارح المحقق: هو عطف على كمال العناية.

بقي الكلام في أنه يكون مقصود المصنف، لأنه لم يتعرض في الإيضاح لقصور المفتاح، فهو يشهد بأنه رضى بما فيه، واختصره من غير عدول عنه (كما إذا كان فاقد البصر) الأخصر كما إذا كان أعمى، أو لا يكون؛ ثم مشار إليه (أو النداء على كمال بلادته) قدمه على فطانة؛ لأنه أنسب بالتهكم (أو فطانة) حيث تنزل غير المحسوس عنده منزلة المحسوس، أو التنبيه على كمال حدة بصره، فاحفظها، فإنها من المبدعات (أو ادعاء كمال ظهوره) لم يقل: أو التنبيه على كمال ظهوره؛ لأن وضع اسم الإشارة موضع الضمير لا يخلو عن الادعاء؛ لأن جعله محسوسا ادعاء.

(وعليه) أي: على وضع اسم الإشارة (من غير هذا الباب)، أي: باب المسند إليه قول ابن دمينه: (تعاللت) أي: أظهرت العلة (كي أشجي) على صيغة المعروف، كما هو المعروف من باب علم لازما أي: أخرت، ويحتمل صيغة المجهول من باب: نصر متعديا أي: أحزن (وما بك علّة) حال مؤكدة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>