للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر: إياك نستعين ويمكن إخراجه عن التعريف بأن يراد بقوله: بعد التعبير عنه بطريق آخر بعدية بلا واسطة كما هو المتبادر، ومنهم من توهم أن في [يا أيها الذين آمنوا] التفاتا ومقتضى الظاهر: آمنتم، ويرده ما ذكره المازني في قول علي- رضي الله عنه-[أنا الذي سمّتني أمّي حيدره] (١) أنه لولا اشتهار مورده وكثرته لرددته، إذ القياس: سمته أمه، وعلى هذا في قوله التفات (وهذا) أي:

التفسير المشهور (أخص) من تفسير السكاكي. قال في الإيضاح: وهذا أخص من تفسير صاحب المفتاح، فقول الشارح أي: الالتفات بتفسير الجمهور أخص منه بتفسير السكاكي تفسير لعبارته بغير ما يرضاه، وكلام الكشاف ظاهر في موافقة السكاكي حيث قال: التفت امرؤ القيس ثلاث التفاتات في ثلاثة أبيات يعني بها

تطاول ليلك بالأثمد ... بات الخلىّ ولم يرقد

وبات وباتت له ليله ... كليلة ذي العائر الأرمد

وذلك من نبأ جاءني ... وحبّرته عن أبي الأسود

وتجويز أن يكون قوله مبنيّا على الانتقال من الخطاب إلى الغيبة، وإلى التكلم التفاتان، ومن الغيبة إلى التكلم التفات آخر باطل؛ إذ لا انتقال من الخطاب إلا إلى الغيبة؛ لأنه إذا انتقل إلى الغيبة لم يبق في الخطاب حتى ينتقل عنه إلى التكلم، وكذا تجويز أن يكون أحد الالتفاتات، الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في ذلك، لأن كون خطاب ذلك إلى نفسه غير ظاهر فلا ينافي ذلك التجويز كون كلام الكشاف ظاهرا فيما قاله السكاكي (مثال الالتفات عن التكلم إلى الخطاب وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢) مكان: أرجع، فإن ما عبر عنه بضمير المتكلم في: أعبد ما أبرز بصورة الخطاب في ترجعون؛ لأنه داخل في ترجعون، والمعنى: أرجع وترجعون.

قال الشارح المحقق: فإن قلت: ترجعون ليس خطابا لنفسه حتى يكون المعبر عنه واحدا قلت: نعم، ولكن المراد بقوله: ما لي لا أعبد: المخاطبون،


(١) البيت في ديوانه.
(٢) يس: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>