للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ) (١) مكان ساقه، ولا يتوهم أنه قد مر مثاله في قول علقمة، حيث عبر عن ليلى بعد التعبير عنه باسمها العلم بضمير المتكلم حيث قال بيننا؛ لأن التعبير عن الغائب بضمير المتكلم مع الغير ليس خلاف مقتضى الظاهر، فتأمل.

(وإلى الخطاب: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ) (٢) مكان إياه نعبد، ومنهم من اشتراط في الالتفات اتحاد المخاطب في التعبيرين المختلفين، وكأنه دعاه إليه أنه لا يوجد بدون النكتة التي صرحوا بعمومها لكل التفات، ومنع ذلك بأنه يكفي فيها اتحاد السامع، ويمكن دفعه بأن المراد بالمخاطب ما يعم السامع، فإنه في حكم المخاطب، وحينئذ يتجه على ما ذكره الشارح المحقق، أنه أخص من الالتفات المعتبر عند الجمهور أنه باطل؛ لأنه لا بد من اتحاد السامع عند الكل بقرينة الاتفاق على عموم تلك النكتة المتوقفة على ذلك الاتحاد، على أنه ما لم يثبت أن ما هو التفات مخصوص بالسكاكي ليس التفاتا عنده، لا يظهر كونه أخص مما هو الالتفات عند الجمهور، ولم يثبت ذلك نعم، ما ذكره في ضرام السقط أن قول أبي العلاء:

هل يزجرنّكم رسالة مرسل ... أم ليس ينفع في أولاك الوكّ

أي: في أولئك رسالة، وإن كان يرى فيه التفات ليس منه؛ لأن المخاطب بهل يزجرنكم بنو كنانة، وبقوله: أولاك أنت تشعر بأنه أريد اتحاد المخاطب حقيقة، أو لا مانع من اتحاد السامع فيه، لكن الكلام في أنه هل هو تحقيق من صاحب اتضرام أو وهم لعدم التنبيه لعموم المخاطب السامع، وقد يطلق الالتفات على تعقيب الكلام بجملة مستقلة متلاقية له في المعنى على طريق المثل، أو الدعاء، أو نحوهما من المدح والذم، كقوله تعالى: وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٣) وقوله ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ (٤) قد يطلق على كلام ذكر في أثناء المقصود لدفع ما اختلج في قلب السامع مما ذكرته قبل إتمام المقصود، كقول


(١) فاطر: ٩.
(٢) الفاتحة: ٤.
(٣) الإسراء: (٨١).
(٤) التوبة: ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>