للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن ميادة:

فلا حرمة تبدو وفي اليأس راحة ... ولا وصله يصفو لنا فنكارمه (١)

فكأنه لما قال: فلا حرمة تبدو، وقيل له: ما تصنع، فأجاب بقوله: وفي اليأس راحة (ووجهه) أي: وجه الالتفات الداعي إليه أيا كان فهذا الوجه يعم كل الالتفات، بل يعم وضع الظاهر موضع المضمر وعكسه، والتعبير بالماضي عن المستقبل، وعكسه إلى غير ذلك (أن الكلام إذا نقل من أسلوب) يتوقعه السامع (إلى أسلوب) لا يتوقعه سواء وجد المتوقع قبل غير المتوقع كما في الالتفات المشهور أو لم يوجد، كما فيما يخص السكاكي من الالتفات (كان أحسن نظرية) قيل: المسموع في المفتاح المهموز، لكن جعله السيد السند في شرح المفتاح محتملا؛ لأن يكون من طرء عليه إذا أورد عليه أي: حسن إيراد أو أن يكون ناقصا من: طريت الثوب، إذا عملت به ما جعله كأنه جديد، واللام في قوله: (لنشاط السامع) إما للتقوية، فيكون النشاط مفعول التطرية بمعنى التجديد، وإما للتعليل، فيكون غرضا من التطرية، وهو الموافق لقوله: (وأكثر إيقاظا للأصفاد إليه وقد يختص) تحقيقا (مواقعه بلطائف) أي: قد يختص بعض مواقعه ببعض اللطائف، لا أنه يختص كل التفات سوى هذا الوجه العام بلطيفة كما فسره به الشارح، وإلا لأوجب ذلك أن لا يكتفي في الالتفات بالنكتة العامة، وقد أشار بجمع الكثرة إلى كثرتها (كما في الفاتحة) أي: في سورة الفاتحة، ولك أن تريد فاتحة سورة الفاتحة (فإن العبد إذا ذكر) الأولى حمد، لأن الحمد أقوى في التحريك من مجرد الذكر (الحقيقي بالحمد عن قلب حاضر) بأنه العبد الذليل، وهو سيد جليل (يجد من نفسه محركا للإقبال عليه، وكلما أجرى عليه صفة من تلك الصفات العظام قوى ذلك المحرك إلى أن يؤول الأمر إلى خاتمتها المفيدة أنه مالك للأمر كله في يوم الجزاء).


(١) البيت في ديوانه ص ٢٢٥، نقد الشعر ص ١٥١، الصناعتين ص ٤٠٩، الإيضاح ص ١٩٨، والبيت بلفظ:
فلا هجره يبدو- وفي اليأس راحة- ... ولا وصله يبدو لنا فنكارمه
وانظر المصباح ص ٢١٩، ٢٢٠ بلفظ: «فلا صرمه يبدو ... » وجاء في نهاية الأرب: كأنه توهم أن فلانا يقول: ما تصنع بصرمه؟ فقال: لأن اليأس راحة. (نهاية الأرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>