وجه ذلك بأنه أضيف مالك إلى يوم الدين على طريق الاتساع، والمعنى على الظرفية، أي: مالك في يوم الدين، والمفعول محذوف دلالة على التعميم، وأورد عليه أن المحذوف المقدر كالملفوظ، فكأنه قيل: مالك يوم الدين جميع الأمور، فيلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، أقول: يا سارق الليلة أهل الدار مشتمل على هذا المجاز، مع ذكر المفعول الحقيقي، وتوجيهه جعل المفعول بدلا، والجمع بين الحقيقة والمجاز غير عزيز في البدل، كما في: قطع زيد يده، وسلب زيد ثوبه، فقول هذا القائل: والمفعول محذوف يريد به ما كان مفعولا قبل الاتساع وصار بدلا بعده (فحينئذ يوجب) ذلك المحرك (الإقبال عليه) أي:
على ذلك الحقيق بالحمد (والخطاب بتخصيصه بغاية الخضوع) الذي هو العبادة إذ العبادة نهاية التذلل (والاستعانة في المهمات) إشارة إلى اختيار تفسير إياك نستعين بالاستعانة في جميع المهمات على تفسيره بالاستعانة في العبادة، والمرجح عكسه على ما بين في محله، فاللطيفة الداعية إلى هذا الالتفات قوة المحرك الحاصلة من تفصيل الصفات، لا التنبيه على أن القارئ ينبغي أن يأخذ في القراءة، كذلك؛ لأن القرآن نزل على لسان العباد، والعبد في قراءته لا يقصد أن القارئ ينبغي أن يكون كذلك، فيعم البيان بيان المتن حيث أسقط ما في المفتاح من: أن اللطيفة المختصة هي ذلك التنبيه، ولم يتنبه له الشارح المحقق فظنه مقصرا في تقرير كلام المفتاح، وقال تتميما لبيانه: واللطيفة المختصة بها موقع هذا الالتفات هو أن فيه تنبيها على أن العبد إذا أخذ في القراءة يجب أن يكون قراءته على وجه يجد من نفسه ذلك المحرك المذكور.
هذا وقد ظهر لك أن: إياك نستعين ليس من الالتفات في شيء؛ لأنه مقتضى الظاهر بعد العدول إلى الخطاب في إياك نعبد، فلا يلتفت إلى ما يوهمه سوق بيان النكتة من أن فيه التفاتا دعت إليه قوة محرك الإقبال، وجزالة نكتة المفتاح وبراعته، على ما ذكره الزمخشري، لا يحتاج إلى الإيضاح، وهو أن الخطاب يشعر بأن المخصص بالعبادة والاستعانة هو الموصوف بالصفات، وهي العلة في التخصيص؛ لأن الخطاب لكونه بالغا في التعين مقام المشاهد، وذلك التعين إنما جاء من قبل الصفات، وذكر الشارح أن النكتة فيه التنبيه على أن