العابد ينبغي أن يكون متوجها إليه بالكلية، بحيث كأنه يراه، ولا يلتفت إلى ما سواه. هذا وينبغي أن يضم إليه، وعلى أن المستعين ينبغي أن يكون كذلك؛ ليجاب.
فإن قلت: كونه كذلك في مقام تخصيص العبادة لا يقتضي التنبيه على وجوب كونه ذلك في مقام العبادة، قلت: يمكن أن يتكلف للشارح بأنه لما جعله في مقام الحمد، وهو عبادة كذلك نبه عليه، أو بأنه لما جعله في سورة لا يكون الصلاة بدونها، كذلك نبه على ذلك، وهذا مراده، لا أنه لما جعله كذلك في مقام عرض العبادة نبه على ذلك وهاهنا سوانح غيبية لمن له أهلية منها:
أن المراد بقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ، فعرف كما في: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (١) أي: ليعرفون فحصر المعرفة فيه بعد حصر الحمد، وأشار إلى الشركة العامة في ذلك تنبيها على أن حصر المعرفة في مقام مشاهدة الكثرة، وذلك كمال التوحيد، ولا يخفى أن المنبه على تلك المشاهدة صيغة الخطاب، ومنها أنه تعالى نبه أولا على أنه غائب عن كل مثلى بعالم الحس، وطريق الوصول إليه التوجه إلى تفصيل صفاته بقلب حاضر، فإن نهاية التفصيل حضوره عنده بحيث يسعه أن يخاطبه وبحضوره يرى العبد: أن القدرة كلها له وهو ذليل عاجز، فيخاطبه بإظهار ذل من سواه وعجزه في كل ما عناه، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الشارح المحقق: ولما أنجز كلامه إلى ذكر خلاف المقتضى الظاهر أورد عدة أقسام منه، وإن لم يكن من مباحث المسند إليه، أقول: قد مهد البحث في أول الشروع في بحث خلاف مقتضى الظاهر على وجه لا يخص المسند إليه ونبه على أن بحثه غير مختص حيث قال: وقد يخرج الكلام على خلافه، ولم يقل، وقد يخرج المسند إليه على خلافه، فقوله:(ومن خلاف المقتضى) بمعنى: خلاف المقتضى الذي كلامنا فيه، وهو مطلق خلاف المقتضى، ونبه بقوله:(ومن) على أنه لا ينحصر فيما ذكر كيف وجميع المجازات خلاف مقتضى الظاهر في القاموس، لقيه، كتلقاه، والتقاه هذا، فقوله:(تلقى المخاطب بغير ما يترقب) مما عدي