للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلفظ اسم الفاعل، ونبه بقوله: ومثله على تفاوت بين المثالين، وكأنه ذلك أنه لا اشتباه في كون المستقبل بلفظ الماضي خلاف مقتضى الظاهر، وأما كون اسم الفاعل في المستقبل خلاف مقتضى الظاهر في خفاء لعدم دلالته على زمان، ووجه التنبيه فيه على تحقق الوقوع أن اسم الفاعل حقيقة فيما فيه الموصوف به في الحال اتفاقا مجاز فيما يتصف به بعد التعبير اتفاقا، واختلف فيما اتصف به قبل وانقضى بالدين جزاء يوم البعث.

أما إذا أريد الجزاء كما بين في الأصول، هذا إذا أريد الجزاء مطلقا، والله تعالى يجزي العباد في الدنيا أيضا، فليس التعبير عن المستقبل باسم الفاعل، بل عما لا يختص بزمان (وبنحو ذلك) ولا يبعد أن يقال: الظاهر لمن يعلم زمان ما يخبر عنه بالتحقق وهو غائب عن المخاطب أن يبين زمانه بخلاف ما هو حاضر بين يديه، والدين كذلك، فكان مقتضى الظاهر أن يقول: إن الدين ليقع، فلما قال: إن الدين لواقع، نزل منزلة المحقق الشاهد للمخاطب يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ (١) أي: يجمع نزله منزلة الحال بعد أن أحضره، وجعله مشاهدا مشارا إليه بالإشارة الحسية، فإن تلك الإشارة تستدعي جعل الجمع فيه في الحال، فاحفظه، فإنه بديع لعله رفيع، وأقول في كون التعبير عن مستقبل بلفظ الماضي، والعكس من خلاف مقتضى الظاهر مطلقا نظر، لأنه إذا عبر عن المستقبل بلفظ الماضي على خلاف مقتضى الظاهر مرة ثم عبر ثانيا عنه بلفظ الماضي، فذلك التعبير مقتضى الظاهر، وعلى وفق الأسلوب حتى لو عبر عنه بلفظ المستقبل كان خلاف مقتضى الظاهر؛ لكونه خلاف الأسلوب، وأظن بك ألفا بهذا التحقيق بعد أن صرت في بحث الالتفات على التوثيق، فقستك (٢) بما هو الحق واسأل الله التوفيق.

ومن هذا تبين لك أنه ربما يكون التعبير عن المستقبل بلفظ المستقبل، وعن الماضي بلفظه خلاف مقتضى الظاهر (ومنه) أي: من خلاف مقتضى الظاهر (القلب) قال الشارح: هو جعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر، والآخر


(١) هود: ١٠٣.
(٢) في الأصل: «فقسك».

<<  <  ج: ص:  >  >>