للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَظِيمٌ (١) فما ذكره السيد السند أن جعل الشارح المس منبئا عن القلة هنا ينافي في ما ذكره سابقا من أنه: لا دلالة للفظ المس على القلة بالدليل المذكور ليس بشيء.

(وقد تستعمل (إن) في الجزم) عبارة المفتاح، والإيضاح في مقام الجزم، وهو الصواب؛ لأن إن لم تستعمل في الجزم فقوله في الجزم مصدر حينية، أي:

في وقت الجزم، وهو أنسب من تقدير المقام، كما فعله الشارح، والمراد الجزم بوقوع الشرط أو لا وقوعه، كما في شروح المفتاح، وإن قيده الإيضاح بالوقوع وتبعه الشارح المحقق في شرحيه (تجاهلا) لاقتضاء المقام التجاهل، كقولك: لمن سألك: هل زيد في الدار؟ وأنت تعلم أنه فيها إن كان فيها أخبرك، فتتجاهل؛ لتعلم هل مصلحة زيد في الإخبار؟ أو تعلم أنه ليس فيها فتقول: إن كان فيها أخبرك، فتتجاهل، لئلا يرجع السائل على الفور، وينتظر ساعة لعل زيدا يحضر (أو لعدم جزم المخاطب، كقولك لمن يكذبك) (٢) أي: ينسبك إلى الكذب دائما، ويعدك من الكاذبين (إن صدقت فماذا تفعل؟ ) وقد عدل عن عبارة المفتاح: لمن يكذبك فيما تخبره إن صدقت، فقل لي: ماذا تفعل؟ لأنه يفيد النسبة إلى الكذب في قول ألقى عليه، وحينئذ إن صدقت بحسب أن يؤول: بأن ظهر صدقي، وظهور الصدق يحتمل أن يكون مشكوكا للمتكلم، ولا يكون فيه خلاف مقتضى الظاهر بخلاف صدقه، فإنه يعلمه جزما، فالمثال بظاهره ينطبق على ما ذكره، لا على ما في المفتاح؛ لكن إيراده عبارة المفتاح في الإيضاح بعينه يشعر بأنه لم يعدل عما ذكره، بل اختصر عبارته، وقوله: فماذا تفعل؟

للتقرير، أي: لا يقدر على ما يدفع خجالتك، والمثال يحتمل التجاهل للملائمة وقطع المنازعة، وعدم جزم المخاطب، فلذلك اكتفى به إلا أن عدم تنبهه على كونه محتملا كما نبه عليه في قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ (٣) ربما يشعر بأنه خصه بالثاني، فكأنه لذلك خصه الشارح المحقق في الشرح بالثاني، وإن جعله في شرح المفتاح لهما، فإن قلت: جزم المخاطب باللاوقوع والموافقة معه يقتضي


(١) الأنفال: ٦٨.
(٢) أي لمن يجوّز كذبك؛ لأن المقام في عدم جزم المخاطب.
(٣) البقرة: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>