للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقطوع به، كما ذكره الشارح المحقق، وتبعه السيد السند لدفع إشكال ظناه، وأراد لولا هذا التأويل وهو: أن تغليب غير المتصف به على المتصف به بجعل الشرط قطعي اللاوقوع بالنسبة إلى الجميع، فلا يصح بذلك استعمال «إن»، بل يصير المقام مقام لو، بل يجب انتفاؤه على ظاهره، ودفع الإشكال بأنه لو غلب المتصف على غير المتصف؛ لصار المقام مقام إذا، ففي العكس يصير المقام مقام «إن» أو لو، ولكل منهما ترجح من وجه على الآخر، كما نبهناك عليه، فتعارف في مقام تغليب غير المتصف على المتصف استعارة «إن» نعم، يمكن حمل عبارة المفتاح على ما حملاه، لكن عنه مندوحة بما ذكرنا، فكن معنا، ولا تكن في ريب، واجتنب من ربقة التقليد، فإنه أفحش عيب، وقد أطال في هذا المقام كلام الشارح المحقق والسيد السند في تزييف ما قيل في الدفع، وهو أضعف من كل ضعيف، فلم ترض بأن نمتزج به هذا البحث الشريف وطويناه على غره؛ إذ ليس نفعه كضره.

(وقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا يحتملهما) لكن على الأول الخطاب لمجرد المرتابين؛ لأنهم الموبخون على الريب، وعلى الثاني الخطاب بمجتمع من المرتابين وغير المرتابين (والتغليب يجري في فنون) (١) أي:

أنواع (كثيرة) (٢) جريان المقسم في الأقسام، والمقصود أنه أنواع كثيرة، ونبه بإطلاق الأنواع على أنها لم تدخل تحت الضبط والحصر والوظيفة، فيه ذكر عدة منه، ليتمكن الطالب من اعتباره، لكن ينبغي أن يعلم أنه يغلب الأكثر على الأقل، والأشرف على الأخس، إلا أن يكون لفظ الأعلى أثقل، أو كان مؤنثا مع تذكير الأدنى، فيغلب ما لفظه أخف، كالعمرين؛ أو يكون مذكرا كالقمرين، ويغلب المتكلم على المخاطب، والغائب والمخاطب على الغائب من غير عكس، وإن كان الغائب أكثر أو أشرف من المخاطب، والمخاطب أكثر وأشرف من المتكلم، منها تغليب الذكور على الإناث.


(١) لا يخفى أن التغليب معدود في المحسنات البديعية، فلا معنى لذكره هنا، وهو إعطاء أحد المتصاحبين أو المتشابهين حكم الآخر بجعله موافقا له في الهيئة أو المادة.
(٢) أي يجري في أساليب من الكلام لاعتبارات مختلفة غير محدودة ولا مضبوطة، وشأنه في ذلك شأن غيره من المحسنات البديعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>