للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (١) حيث عدل فيه عما هو مقتضى الظاهر من إيراد الجملة الاسمية الصرفة؛ لأنه في مقابلة قولهم: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (٢) إلى إيراد جملة اسمية خبرها فعل مضارع قصدا إلى استمرار الاستهزاء بهم وقتا فوقتا.

ويحتمل أن يكون إيراد الفعل لتقوية الحكم (وفي نحو: وَلَوْ تَرى (٣) أي:

دخولها على المضارع في نحو: وَلَوْ تَرى مما لم يقصد به الاستمرار، والخطاب لمحمد- عليه والسّلام- أو عام إِذْ وُقِفُوا أي: حبسوا، أو اطلعوا أو أقيموا، من وقفته بمعنى: أقمته، أو حبسته، أو أطلعته عليه على ما في القاموس (عَلَى النَّارِ (٤) لتنزيله) أي: لتنزيل المضارع (منزلة الماضي) في الدلالة على التحقق (لصدوره عمن لا خلاف في إخباره) على لفظ المصدر، أو الجمع، أو لقوة الأسباب من كثرة المعاصي مثلا، أو لصدوره في شأن من لا يجوز كذب الحكم في حقه، نحو: لو تحب ابنك، فإن محبة الابن واجبة التحقق.

فرؤية المخاطب بمنزلة المتحقق في الماضي لصدوره عمن لا خلاف في إخباره، وفيه بحث لإخبار الصادق يدل على تحققه لا محالة.

وأما فرض المخبر الصادق فلا يدل على تحققه، ويمكن التقصي عنه بأنه من فرض الرؤية إنما هو بالنسبة إلى المخاطب، وأما أصل الرؤية فأمر مذكور، لا على وجه الفرض، فكأنه قيل: يا أهل النار، موقوفين على النار، وأن ترى أنت؛ لترى أمرا عجيبا.

فدخول (لو) يجعل (ترى) بمنزلة الماضي في تحقق أصل الرؤية الذي يشعر به قوله: وَلَوْ تَرى ومن هذا تمكنت من التقصي عن بحث آخر يوحي أيضا إلى المتفطن، وهو أن تنزيل المضارع منزلة الماضي في التحقق ينافي دخول (لو) الدالة على الامتناع.


(١) البقرة: ١٥.
(٢) البقرة: ١٤.
(٣) الأنعام: ٢٧.
(٤) الأنعام: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>