وليس كذلك، أو ليس مفاده إلا القصر، وأما بناءه على المبالغة أو التحقيق، فمما يستفاد من المقام، ويمكن توجيهه بأن يراد بالإفادة: الإفادة بمعونة القرينة.
(لكماله فيه) في الإيضاح لكمال معناه في المحكوم عليه (١)، وهذا يفيد أنه جعل ضمير كماله للجنس وضمير فيه للشيء، ولو عكس لتم المقصود، لكن جعل الضميرين على ترتيب المرجعين أقرب إلى الفهم (نحو: عمرو الشجاع) والقصر الحقيقي أعم من أن يكون مبنيّا على الاستغراق الحقيقي أو العرفي، فزيد الأمير، يحتمل أن يراد به: كل أمير البلد، فيكون استغراقا عرفيا، فيفيد قصر إمارة البلد تحقيقا، وأن يراد به كل الأمير، فيفيد قصر الأمير مطلقا، لكنه كاذب.
ومثاله الصادق ما ذكره المفتاح على مذهب الاعتزال، أي: الله تعالى العالم الذات، أي: عالم بذاته، لا بالعلم، ومن قبيل: زيد الأمير، أنت الحبيب.
قال الشيخ: ليس معناه: أنك الكامل في المحبوبية، حتى أنه لا محبة في الدنيا إلا ما أنت به حبيب، كما في: أنت الشجاع، ولا أن أحدا لم يحب أحد مثل محبتي لك، حتى إن سائر المحبات في جنبها غير محبة، بل معناه: أن المحبة مني بجملتها مقصورة عليك، وليس لغيرك حظ في محبة شيء.
وسماه الشارح لدقته نكتة، وما وجه كونه نكتة إلا أنه مبني على الاستغراق العرفي، ولم يتنبه له السيد السند فقال بعد تقسيم الشارح الجنس إلى المطلق كما في الأمثلة المذكورة: والمقيد بوصف، أو حال، أو ظرف، أو مفعول أو غير ذلك، وليس ما ذكره الشيخ إلا الجنس المقيد؛ لأنه في تقدير: أن الحبيب لي، لا وجه لجعل ما ذكره الشيخ نكتة منفردة، بل هو من دواخل التقسيم، ولا يتجه ما ذكره؛ لأن كونه نكتة بناء على أنه جنس مطلق فيه دقة، وهو اعتبار الاستغراق العرفي.
نعم، زيد الأمير أيضا منه، وكأنه لم يتنبه له الشارح، وإنما قال: قد يفيد قصر الجنس؛ لأن إفادته قصر الجنس بمعونة اقتضاء المقام الاستغراق، وهو المقام
(١) فالأول قصر تحقيقي والثاني ادعائي، وتعريف المسند إليه بلام الجنس يفيد القصر كما سبق، ولكنه يفيد قصر المسند إليه على المسند، كقولك: «الأمير زيد» والشجاع عمرو، وتعريف المسند بالمسند بالعكس كما سبق، ولهذا لا يتفاوت المعنى فيهما من جهة القصر.