للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطابي دون الاستدلالي، فالمنطلق زيد يفيد القصر؛ لأنه بمعنى: كل منطلق زيد، فإذا كان كل منطلق زيدا، انحصر المنطلق في زيد، وكذا زيد المنطلق بمعنى: زيد كل منطلق، فإذا كان زيد كل منطلق، ينحصر المنطلق في زيد، يكشف عن ذلك كلام المفتاح.

وبهذا المعنى ما في الإيضاح حيث قال: ثم التعريف بلام الجنس قد لا يفيد قصر المعرف على ما حكم عليه به كقول الخنساء:

إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا (١)

في مرثية أخيها صخر، فإنه ليس المقام طالب اعتبار رأيت بكاءك كل حسن جميل، بل تطلب إثبات الحسن الجميل له؛ إذ تكفل الشرط سلب الحسن عن كل ما عداه، والمراد بقتيل: كل قتيل، كقوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ* (٢) ثم تعريف الخبر باللام يطلب نكتة لولا يفيد القصر؛ لئلا يلغو، بل لا يكون اختيارا للمرجوح، وهو تعريف الخبر إذ الأصل فيه التنكير، ومما يجعل نكتة، وحمل عليه الشارح البيت ما نقله عن الشيخ في قول حسان:

وإنّ سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت محزوم ووالدك العبد (٣)

من أن معنى التعريف فيه: أن يثبت العبودية له، ثم يجعله ظاهر الأمر فيها معروفا بها.

ولك أن تجعل النكتة، فيه أن تجعل الخبر لتفخيمه، أو خساسته نصب العين حاضرا في الأذهان.

وأما تعريف المسند إليه، فيستغنى عن أمر زائد على التعيين؛ لأن الأصل فيه التعريف، وربما تكلف الشارح بأن المعرف بلام الحقيقة أيضا يفيد القصر؛ لأنه يحكم باتحاد الجنس مع المسند، أو المسند إليه، واتحاد الجنس يوجب القصر؛


(١) انظر البيت في الإيضاح (١٠٥).
والخنساء هي: تماضر بنت عمرو بن الشريد الصحابية، الشاعرة البكّاءة على أخيها صخر.
(٢) الانفطار: ٥، التكوير: ١٤.
(٣) البيت في ديوانه (٧٤) من قصيدة قالها يهجو أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
سنام المجد: أعلاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>