للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بينهما كما هو الحق. ويمكن أن ينازع فيه بأن جواز الفصل بالظرف مع اشتهار التوسع فيه بما لا يتوسع في غيره لا يقتضي جوازه بغيره.

ويرد على الوجهين: أن كون لا جزءا من أحد الطرفين خلاف ما تحكم به الفطرة السليمة، بل هو من قبيل الفصل بين لا لنفي الجنس واسمه بخبره، فلذا وجب الرفع والتكرير، وهذا كله بناء على قصر النظر على ظاهر ما ذكره الشارح المحقق. وتحقيقه: أن النفي إذا دخل على ما فيه قيد، فربما يرجع النفي إلى الأصل، ويصير القيد قيدا للنفي، وله غير نظير.

ألا ترى أنه جعل قوله تعالى: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (١) لاستمرار النفي، مع أن النفي دخل على المستمر، وقوله وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢) جعل للمبالغة في نفي الظلم مع أنه دخل على ما يفيد المبالغة في الظلم.

فلعل الشارح جعل: (لا فِيها غَوْلٌ) (٣) لتقييد النفي بالحصر الذي كان في مدخوله، وجعل مال حصر النفي في خمور الجنة أحد الأمرين: حصر عدم الغول فيها، أو حصر الغول في الانتفاء عنها.

وبهذا اندفع كل ما ألقيناه إليك من الواردات اندفاعا بينا، ويندفع ما ذكره السيد السند أيضا بأن: ما أنا قلت، وإن صار بهذا العمل في معنى: أنا ما قلت، لكنه تعارف استعماله في رد إثبات الغول لغير المتكلم، لا لرد إثبات نفي الغول لغيره، كما في صريح؛ أنا ما قلت، فلا ينهدم بهذا ما اعتنى بشأنه من الفرق بين: ما أنا قلت، وأنا ما قلت.

قال السيد السند: والحق في الجواب أن لا فيها غول نظير: ما أنا قلت، فإيلاء الظرف للنفي للنزاع في غول ثابت، وقع الخطأ أو الشك في محله فإذا نفي محلية خمور الآخرة له ثبت محلية ما يقابلها من خمور الدنيا، وأيده بشهادة من الكشاف، وأنت لا ترتب بعد ما مهدناه لك أن هذا غير خارج مما ذكره الشارح، قد مهدت بعون الله لك روضة، فلا تدعني من دعائك أيها الشارح؛


(١) البقرة: ٨.
(٢) ق: ٢٩.
(٣) الصافات: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>