للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الجزئي، وما يقابله من الجزئيات الأخر، وأما إذا كان المستثنى جزءا من المستثنى منه، كما في قولك: جاءني القوم إلا زيدا، وقولك: قرأت إلا يوم كذا، فإنه لا يحسن فيه ذلك الاعتبار، كما يشهد به الذوق السليم، وفيه أن فيما ذكره دعاوي غير بينة، ولا مبينة، ويوجب أن لا يكون ما جاءني القوم إلا زيدا للقصر، ولا يفيد عدم كون جاءني كل رجل إلا زيدا قصرا (كقولك في قصره) إفرادا (ما زيد إلا شاعر، و) قلبا (ما زيد إلا قائم، وفي قصرها) إفرادا وقلبا (ما شاعر إلا زيد) (١) والكل يصلح مثالا للتعيين والتفاوت بالمخاطب، وفي هذا المثال تحقيق دقيق يخص بالتنبيه له من حد نظره في إدراك أسرار العربية، وهو أن ليس التقدير ما أحد شاعر إلا زيد؛ لأنه يجب نصب شاعر؛ لأن نقض النفي بإلا لا يوجب إبطال عمل ما، إلا في ما بعد إلا، ألا ترى ما زيد شيئا إلا شيء، وما شاعر أحد إلا زيد، على أن يكون زيد فاعلا؛ لأنه يشكل عمل شاعر في زيد، لأنه لما بطل نفيه فيما بعد إلا لم يبق معتمدا على النفي فيما بعد إلا فتعين أن يكون المقدر مبتدأ مؤخرا، ولعلك تنظر في تحقيق ما ذكرناه في شرح الكافية في انتقاض نفي ما ولا بإلا، فينفعك في هذا المقام نفعا ما.

(ومنها) أي: من الطرق (إنما) حذف من عبارة المفتاح المضاف؛ إذ فيه ومنها: استعمال إنما لظنه به أنه حشو مفسد حيث يوهم أن دلالة إنما ليست بالوضع، كما وهمه البعض، لكن أدرجه المفتاح، لأن الطريق ما يسلكه السالك، ويشتغل به، وذلك استعمال إنما فإنه فعل يشتغل به كإخوانه لا نفس إنما (كقولك في قصره) إفراد (إنما زيد كاتب و) قلبا (إنما زيد قائم، وفي قصرها) إفرادا وقلبا (إنما قائم زيد) قال الشارح المحقق: إن الشيخ لم يوافق المفتاح في عموم طريقي العطف، وإنما لأقسام القصر، بل قال: إنهما لقصر القلب، وما نقل عن الشيخ في بيانه لا يدل إلا على المتبادر من إنما قصر القلب


(١) لتحقق النفي والإثبات كما سبق، ولا يخفى أن دلالة النفي والإثبات على القصر بالوضع، فلا يحتاج إلى تكلف ما ذكره في تحقيق إفادته القصر، هذا ولا فرق في إفادة النفي والاستثناء القصر بين أداة وأداة ومنه قول الشاعر في «ما»، «لا»، «إلا»:
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى ... ولا الأمن إلا ما رآه الفتى آمنا
وقول الآخر في «لا» و «غير»:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ غلول من قراع الكتائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>